وتمحورت تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس الجديد مسعود بزشكيان حول “واجب إيراني” بالرد على العملية التي اتهمت إسرائيل بتنفيذها، في حين كان النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف، مغردا خارج السرب حين قال إن “طهران ليست لديها نية لتصعيد الصراع في الشرق الأوسط”.
واعتبر خامنئي أن “الثأر لاغتيال هنية واجب على إيران”، لأنه اغتيل على أراضيها، متوعدا بـ”عقاب قاسٍ” لإسرائيل التي رآها “وفرت أساسا لمعاقبتها بقسوة”.
أما بزشكيان فذكر أن إيران “ستدافع عن وحدة أراضيها وكرامتها وشرفها وكبريائها، وستجعل المحتلين الإرهابيين يندمون على فعلهم الجبان”.
ومن تل أبيب حيث اتُهمت إسرائيل بتنفيذ عملية الاغتيال، علّق وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، على الحدث قائلا إن “موت هنية يجعل العالم أفضل قليلا، لا مزيد من اتفاقيات الاستسلام الوهمية”.
وعلى النقيض من إلياهو، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إن إسرائيل لا تسعى لتوسيع رقعة الحرب، لكنها جاهزة للتعامل مع جميع السيناريوهات، في معرض حديثه بعد حوادث الاغتيال المتعاقبة التي طالت القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في بيروت، ثم هنية في طهران.
وذكر غالانت أنه رغم اغتيال هنية، فإن إسرائيل تعمل للوصول إلى اتفاق بشأن غزة؛ ما يسمح بالإفراج عن الرهائن المختطفين.
مأزق إيراني
من واشنطن، يرى مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن اغتيال هنية بعد ساعات فقط من حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد يعد “مأزقا كبيرا يواجه النظام الإيراني”.
وأشار فايز إلى أن إسرائيل أظهرت مرة أخرى قدرتها في التعامل مع معلومات استخباراتية دقيقة لتنفيذ عملية في قلب طهران، ليؤكد هذا الاغتيال أن “أمن إيران يشبه (الجبن السويسري)، حيث توجد العديد من الثغرات التي يمكن أن يمر بها التهديد عبر جميع الدفاعات”.
وبالنسبة للرد الإيراني، يعتقد فايز أن إيران “على الأرجح ليس لديها خيار سوى الانتقام لردع المزيد من الهجمات الإسرائيلية، والدفاع عن سيادتها، والحفاظ على مصداقيتها في نظر شركائها الإقليميين”.
وأضاف أن معضلة إيران الرئيسية الآن هي “الآلية التي أنشأتها لردع الهجمات على أراضيها والمتمثلة بـ(محور المقاومة) والتي تدعو لشنّ هذه الهجمات والرد السريع”.
ووفق مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية، فإن التباين في التصريحات الصادرة عن المسؤولين في طهران “تظهر بعمق حجم المأزق الذي يعاني منه النظام في الوقت الراهن”.
وتابع قائلا: “إن فشلت إيران في الرد بطريقة من شأنها خسارة الردع، فإن مصداقيتها في نظر شركائها الإقليميين وشعورها بالأمان سيعانيان من أضرار جسيمة. ولكن إذا استجابت، فإنها تخاطر بنوع من إشعال الحريق الإقليمي الذي حاولت جاهدة لتجنبه منذ 7 أكتوبر”.
وشدد على أن إسرائيل “نفذت اغتيالات سرية على الأراضي الإيرانية من قبل، بيد أن قتل قائد كبير مثل هنية أمر مهين بشكل خاص للحرس الثوري على أرضه”.
تباين معتاد
من لندن، يرى الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمن، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن التباين في التصريحات الصادرة عن طهران بعد اغتيال هنية “أمر تعودنا عليه في كل الأحداث السابقة سواء داخل إيران أو تتعلق بها”.
ويعتقد عبد الرحمن أن الشد والجذب في الرسائل الإيرانية “يكون متعمدا في السياسة الداخلية بالنظام الإيراني، حيث تصبح التصريحات متناقضة في كثير من الأحيان، حتى يكون بإمكانهم في نهاية المطاف اعتماد واحد من تلك المواقف، وهذا أمر وارد للغاية”.
ورجح ألا تضطر إيران للرد المباشر على عملية اغتيال هنية، وأن تتم الضربة عبر أحد أذرعها في المنطقة.
وبحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران حسين رويران، فإن تصريحات النائب الأول للرئيس الإيراني “لا تختلف عن التوجه الرسمي”، ففي كل الأحوال سترد إيران على هذه العملية، لكنها لا ترغب في تحويل هذه الوقائع إلى حرب شاملة وألا ترفع منسوب الصراع.
وبيّن رويران لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه لا توجد نية لدى إيران لتوسيع دائرة الصراع في المنطقة.