ووفق تقديرات غربية وإقليمية، فمن المرجح أن يستفيد نتنياهو محليا من الاغتيالات الأخيرة، خاصة مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، لكن التصعيد المحتمل قد يهدد “جائزته الأخيرة”.
وشهدت الأيام الأخيرة تصعيدا في الصراع الإقليمي، بعد عمليتي اغتيال طالتا القائد العسكري في حزب الله اللبناني فؤاد شكر في بيروت، ثم هنية في طهران، قبل إعلان إسرائيل الخميس، مقتل قائد الجناح العسكري لحماس محمد الضيف، والذي لم تؤكده الحركة بعد.
وتفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بالضربات الأخيرة، والتي شملت الضيف واستهداف ميناء الحديدة في اليمن، وصولا لاغتيال فؤاد شكر، الذي ينظر إليه على أنه الرجل الثاني في حزب الله، بيد أنه تجنب التطرق لحادث اغتيال هنية.
ومع ذلك أكد على وقع التهديدات الإيرانية بالرد، على أن “إسرائيل حاليا في أعلى درجات الاستنفار، وأي جهة تنفذ عملا عدوانيا ضد البلاد، ستدفع ثمنا باهظا جدا”.
ووصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، آشر كوهين، ما جرى بأنه “انتصار تكتيكي وليس استراتيجيا لنتنياهو”، معتبرا أنه “حصد نقاطا لكن ذلك قد يتغير بسرعة كبيرة”.
كما يرى الأكاديمي الفلسطيني في جامعة بيرزيت، عبود حمايل، أن “القتل يخدم غرضا سياسيا وليس استراتيجيا”، مضيفا لوكالة فرانس برس أن “سياسة الاغتيال الإسرائيلية الحالية تعمل أكثر كآلية لتحفيز مجتمعها بدلا من تغيير الموقف السياسي أو العسكري لخصومها”.
أما المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان، فينظر إلى سلسلة الاغتيالات الأخيرة على أنها “ليست قضية شخصية بالدرجة الأولى، بل أمنية واستراتيجية بصفة عامة لإسرائيل”.
ودلل نيسان على ذلك لموقع “سكاي نيوز عربية”، بأن “استهداف فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية ببيروت جاء لأنه كان ضالعا في حادث مجدل شمس، بجانب مساهمته في تطوير صواريخ حزب الله الدقيقة وكونه من أقرب المقربين لحسن نصر الله”.
وأضاف نيسان أن “إسماعيل هنية كان من الشخصيات التي وضعت عراقيل أثناء مفاوضات صفقة المختطفين وكان ضالعا في هجوم 7 أكتوبر على غرار محمد الضيف أيضا”.
ورغم إقراره بأن “القضية لا تمت لنتنياهو شخصيا”، لكنه أكد أن هناك استفادة حققها رئيس الوزراء الإسرائيلي من هذه العمليات النوعية، إذ يعطيه ذلك شعبية أكبر، بعدما تراجعت بشكل كبير منذ السابع من أكتوبر.
وأوضح نيسان: “رويدا رويدا وفي ظل ما يحدث بإيران ولبنان وغزة، فإن هذا يساعد نتنياهو على رفع شعبيته وتمكنه من السلطة في إسرائيل”.
رسائل “الدم والنار”
أستاذ العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، خالد العزي، قال في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن نتنياهو وجه رسائل بـ”الدم والنار” لإيران و”محور المقاومة” بأكمله.
وأشار إلى أن “حوادث الاغتيالات الأخيرة لقادة الصف الأول بحماس وحزب الله، تأتي ضمن استراتيجية نتنياهو لعدم الخضوع للضغط الخارجي أو الداخلي من أجل إقامة تسويات تحت عنوان أن صفقة الأسرى تتطلب ذلك”.
ووفق العزي فإن نتنياهو حقق استفادة من العمليات، سواء زيادة الثقة الداخلية في قيادته للحرب بتنفيذ ما وعد به من تصفية لقادة حماس وحزب الله، أو إحكام قبضته على ائتلافه الوزاري بعدما منعهم من الإدلاء بـ”تصريحات متهورة” عقب اغتيال هنية وانصاعوا له وخصوصا وزراء اليمين المتطرف.
واعتبر العزي أن نتنياهو غيّر قواعد اللعبة وما جرى سيطيل أمد الحرب والصراع ما يضمن بقاءه سياسيا.
كما لم تستبعد محللة الشؤون الإسرائيلية بمجموعة الأزمات الدولية ميراف زونسزين، أن تساهم عمليات الاغتيال، إلى جانب عطلة البرلمان الإسرائيلي حاليا في بناء “رواية نصر وبقاء سياسي لنتنياهو”.
لكنها شددت مع ذلك على أن مقتل هنية لن يؤثر على مكانة نتنياهو السياسية على المدى الطويل، مضيفة أنه “حتى لو كان العديد من الإسرائيليين سعداء بالاغتيال، فلا أعتقد أن هذا يغيّر حقيقة أن معظم الإسرائيليين ما زالوا يريدون خروجه من السلطة”.