وقال محللون عسكريون ومراقبون إن إسرائيل طورت على مدار العقود السابقة عددا من الأنظمة التكنولوجية فائقة الدقة، والتي ستلعب دورا هاما في التصدي للهجوم الإيراني الذي قد يكون كبيرا، بعدما توعدت طهران تل أبيب بالرد بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية.
وتستخدم إسرائيل عددا من التقنيات العسكرية الأكثر تقدما لقيادة أنظمة الدفاع الجوي متعددة المستويات، وقد أثبتت مناعتها في منتصف أبريل الماضي، حينما أطلقت إيران نحوها ما يزيد على 330 مسيرة وصاروخا في عملية استمرت قرابة 5 ساعات، ردا على هجوم القنصلية الإيرانية في دمشق.
تكنولوجيا متعددة الأنظمة
كانت التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية حاضرة بقوة خلال السنوات الماضية، إلا أن استخدامها برز بشكل أكبر خلال حرب غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر.
واستعان الجيش الإسرائيلي بقواعد بيانات مدعومة بالذكاء الاصطناعي في عمليات القصف على بعض المناطق، كما نفذ اعتقالات باستخدام نظام يُعرف باسم “لافندر”.
ومن القبة الحديدية، التي تستخدم في أحدث إجراءات تطويرها الذكاء الاصطناعي لتحسين الدقة عند إطلاق صواريخ أرض-أرض قصيرة المدى، إلى منظومة “مقلاع داوود” التي تعترض صواريخ أرض – أرض قصيرة إلى بعيدة المدى، إلى الطائرات التي يحركها الذكاء الاصطناعي وغيرها من التكنولوجيا، تقول إسرائيل إن دفاعاتها ذات فعالية فائقة.
كذلك تعد المسيرات واحدا من هذه الأنظمة التكنولوجية المهمة بالنسبة لإسرائيل، والتي تعتبرها أداة لا غنى عنها للسيطرة تحركات الخصم، ومنها على سبيل المثال “إيتان” القادرة على القيام بمهام بعيدة المدى ولها عمر 36 ساعة للتحليق في الأجواء، ويمكنها تحمل جميع الظروف الجوية، ويمكن دمجها مع العديد من أجهزة الاستشعار.
كما أدخلت إسرائيل نظاما يعرف باسم “مقلة العين”، لتصوير الأشخاص داخل المبنى قبل اقتحامه، إذ يُخرج أحد الجنود كرة سوداء صغيرة ويلقي بها داخل المبنى، وبعد ثوان، تستقر وتنقل صورة بزاوية 360 درجة للغرفة بينما يبقى الجنود في الخارج، ما يُمكنهم من رؤية وسماع كل ما يحدث في الداخل والحصول على جميع المعلومات اللازمة لاقتحام المبنى.
وإلى جانب ذلك، يستخدم الجيش الإسرائيلي منصة تحديد الأهداف بالذكاء الاصطناعي المعروفة باسم “غوسبل”، والتي تقترح الأهداف الأكثر صلة بالهجوم داخل محيط معين، وتحسب كمية الذخيرة اللازمة للهجوم.
ووفق مركز كارنيغي للشرق الأوسط، فإن التفوق التكنولوجي الذي تتمتع به إسرائيل في مجال الذكاء الاصطناعي يساعدها على إعادة تشكيل رؤيتها لطرق إدارتها للحرب، لا سيما من خلال استخدامها للطائرات بدون طيار، أو المركبات الجوية الآلية.
وتعد طائرة النسر الذهبي الآلية، خفيفة الوزن وغير المكلفة اقتصاديا، مثالا على الأسلحة الإسرائيلية المعززة بالذكاء الاصطناعي، حيث تستخدم هذه الآلية تقنيات الذكاء في التصويب على الأهداف الثابتة والمتحركة وتتبعها بسلاسة ودقة في الوقت الفعلي، مما يضمن توجيه ضربات دقيقة للهدف على الأرض أو في الجو، بغض النظر عن ظروف الإضاءة.
أما النظام الجديد الذي أعلنت عنه قيادة الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي، لإرسال رسائل تحذير عامة قائمة على تحديد المواقع، فيعتمد على تقنية البث الخلوي، وهي طريقة لإرسال رسائل قصيرة إلى مستخدمين متعددين للهواتف في منطقة محددة.
وذكرت قيادة الجبهة الداخلية أن النظام سيمكّن من “استلام رسالة في حالات الطوارئ واسعة النطاق، مثل إطلاق الصواريخ على إسرائيل”، إذ ستظهر التنبيهات على هاتف المستخدم دون الحاجة إلى تثبيت تطبيق أو اتخاذ أي إجراء مسبق، كما سيصدر صوت إنذار مع رسالة الطوارئ.
هل تنجح كل هذه التقنيات في التصدي لهجوم إيران؟
اعتبر المحاضر بمركز أبحاث الأمن السيبراني بالجامعة العبرية، تال ممران، أنه سبق أن استخدمت الأساليب الإلكترونية وتقنيات الذكاء الاصطناعي في عملية الدفاع “الناجحة” ضد الهجمات الإيرانية في أبريل الماضي.
وأوضح ممران لشبكة “فوكس نيوز”، أن “الخوارزميات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تحلل الرادار وبيانات أجهزة الاستشعار الأخرى لتتبع الصواريخ الواردة وحساب أفضل وقت لاعتراضها بشكل أكثر فعالية وتحديد أولويات الأهداف”.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يجعل النظام أكثر فعالية ضد مجموعة واسعة من التهديدات، مثل الطائرات بدون طيار والأجسام الصغيرة الأخرى التي تحلق على ارتفاع منخفض.
ووفق ممران فإن القبة الحديدية، التي تستخدمها إسرائيل منذ أكثر من عقد لإحباط الهجمات الصاروخية من غزة ولبنان، تستخدم الآن “تطبيقا مهما للذكاء الاصطناعي لتحسين دقة النظام”، إذ أن هذه التطبيقات يزيد من معدل نجاح القبة الحديدية إلى أكثر من 90 بالمئة وتقلل من تكاليف التشغيل.
بدوره، أوضح نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط مايك ملروي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن إسرائيل تستخدم بالفعل أنظمة دفاعية تعتمد إلى حد ما على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة.
وبشأن نجاح الدفاعات الإسرائيلية في التصدي لهجوم إيران المحتمل، قال ملروي إن “ذلك يعتمد على ما إذا كانت الضربات ستكون جماعية من إيران وسوريا ولبنان واليمن، فإذا فعلوا ذلك فسيكون من الصعب الدفاع، لكنه غير مستحيل، وبالتالي يتطلب الأمر دعم الولايات المتحدة المباشر”.
ورجح ملروي ألا يتطور التصعيد بين إيران وأذرعها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى إلى حرب شاملة، مضيفا: “كلما طال زمن الرد، زاد احتمال عدم تصعيد الموقف وأن يكون مشابها لما حدث في أبريل.. الكثير من الصواريخ والمسيرات لكن بدون تأثير كبير”.