وتأتي الدعوة الثلاثية لسد كافة الثغرات المتبقية في اتفاق مقترح لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والبدء في تنفيذه “بدون أي تأجيل”، إذ أيدتها وانضمت إليها دول أخرى.
وأعلنت دولة الإمارات أنها تنضم إلى الدعوة الموجهة من الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر ، ورئيس مصر، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الولايات المتحدة الأميركية، جو بايدن، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين.
ويعتقد محللون ومراقبون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن ضغوط الوسطاء على طرفي الحرب في غزة تأتي كـ”محاولة جادة لإنقاذ الموقف قبل تدهوره لحرب أوسع نطاقا” خاصة بعد تعنت سابق حال دون إتمام تنفيذ البنود وفق المقترح الذي قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن نهاية مايو الماضي.
بيان ثلاثي.. وتأييد دولي
وقال البيان الأمريكي المصري القطري المشترك إنه “حان الوقت، وبصورة فورية، لوضع حد للمعاناة المستمرة منذ أمد بعيد لسكان قطاع غزة، وكذلك للرهائن وعائلاتهم. حان الوقت للانتهاء من إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والمحتجزين”.
أوضح البيان إلى السعي على مدار عدة أشهر للتوصل إلى إطار “اتفاق مطروح حاليا على الطاولة حيث لا يتبقى فقط سوى وضع التفاصيل المتعلقة بالتنفيذ”، مستندا بالأساس إلى المبادئ التي طرحها بايدن في خطته.
ودعا الزعماء الثلاثة الرئيس بايدن، ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، إلى “عدم إضاعة مزيد من الوقت كما يجب ألا تكون هناك ذرائع من قبل أي طرف لتأجيل آخر”، مؤكدين استعدادهم – اذا اقتضت الضرورة- لطرح مقترح نهائي للتغلب على الثغرات وحل الأمور المتبقية المتعلقة بالتنفيذ وعلى النحو الذي يلبى توقعات كافة الأطراف.
استئناف المفاوضات وسط التوتر
بدورها، وافقت إسرائيل على استئناف المحادثات حول هدنة في قطاع غزة في 15 أغسطس، حسبما ذكر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أشار إلى إرسال وفد من المفاوضين إلى المكان الذي سيتم تحديده لاحقا من أجل وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل وتنفيذ الاتفاق الإطاري.
وعلى الرغم من التقدم الذي تحقق في المفاوضات السابقة، فإن الشروط الجديدة التي فرضها نتنياهو أعاقت التوصل إلى اتفاق نهائي، كما تفاقمت الأزمة بشكل حاد بعد اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، مما أثار قلقاً كبيراً حول مستقبل هذه المفاوضات، حسبما أفاد موقع “إكسيوس” الأمريكي.
وتأتي الدعوة لاستئناف مفاوضات الهدنة بشكل جاد، في وقت تتأهب المنطقة انتظارا لرد من إيران وحزب الله على اغتيال هنية، والقيادي العسكري فؤاد شكر.
وأشار مسؤول أمريكي إلى أن الوصول إلى اتفاق نهائي ليس فقط ضرورياً لإنهاء الصراع في غزة، بل أيضاً لتجنب تصعيد إقليمي أوسع، خاصة في ظل التهديدات الإيرانية المتزايدة في حال استمرار الصراع.
هل ينجح التحرك الثلاثي؟
من وجهة نظر فلسطينية، اعتبر رئيس مركز القدس للدراسات أحمد رفيق عوض، أن ضغط الوسطاء “مطلوب ومهم”، لكنه ليس الأكثر حسما لدفع إسرائيل للموافقة على المقترح المطروح.
وقال عوض في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه “منذ 10 أشهر لم ينجح الوسطاء بكل ضغوطهم المختلفة أن يؤثروا على موقف نتنياهو، خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يشعر الآن أنه قوي واستعاد قوته، وحقق نصرا من الاغتيالات، مع ارتفاع شعبيته حسب استطلاعات الرأي، ومن ثم يعتقد أنه خرج من عنق الزجاجة”.
ولا يعتقد رئيس مركز القدس، أن تكون الضغوط الأمريكية سببا في قبول إسرائيل للاتفاق الذي ستوضع اللمسات الأخيرة عليه منتصف الشهر الجاري.
وأضاف أن “الإدارة الأمريكية أضعف من أن تضغط على إسرائيل بشكل قوي، خاصة أنها لم تقم بذلك بشكل جاد.. كل ما طالبته الولايات المتحدة من إسرائيل لم يحدث، أما كل ما طلبته إسرائيل من أميركا حدث بالفعل”.
ومع ذلك يرى عوض أن الولايات المتحدة وضعت ما يشبه المعادلة “وقف الحرب الإقليمية مقابل وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى”، وهي “معادلة تخدم سياسة الولايات المتحدة وإسرائيل في كونها تقلل من خطر الرد الإيراني وحزب الله أو تجعله مقبولا ومحتملا”.
وتابع أن “هذا الاقتراح قد يساهم في وقف الانزلاق نحو حرب إقليمية ويقلل من حجم وشكل ونوعية الرد المتوقع”.
“سقف التوقعات”
من جانبه، يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، حسين هريدي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه وفق البيان الثلاثي فهناك اتفاقًا مطروحا على الطاولة، في حين ستكون المفاوضات المقبلة متعلقة بالاتفاق على التنفيذ، و”الشيطان يكمن في التفاصيل”.
وأوضح هريدي الذي سبق أن تولى إدارة إسرائيل في الخارجية المصرية، أن إنجاز تلك الصفقة سيتوقف على موقف إيران وحزب الله من الرد على اغتيال هنية وشكر، مضيفًا: “دعونا ننتظر ولا نستبق الأحداث، ولا نرفع سقف التوقعات”.
ولفت هريدي إلى أن “الضربة الإيرانية حال حدوثها ستؤثر على المقترح الموجود حاليا، لأننا سنرى كيف سترد إسرائيل وقد يتعلل نتنياهو بأن أضرار الهجمات تتطلب تأجيل الاجتماعات”.
رأب الصدع
وعن توقعات نجاح هذه الجولة من المفاوضات، ذكر المحلل السياسي شلومو غانور، أن الآمال معلقة على مدى نجاح لجان العمل في رأب الصدع وتقليص التباينات بين مواقف إسرائيل وحماس قبل انعقاد الجلسة منتصف الشهر الجاري؛ لتفويت الفرصة على فرض “حلول” من قبل الوسطاء، قد تؤزم الوضع بدلا من تسويته.
ويعتقد غانور في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الجانب الإسرائيلي قد يتبنى الاقتراح الأمريكي-الإسرائيلي الأصل؛ والذي سيكون بمثابة خطوة كبيرة إلى الأمام مع الإصرار على الأمور الأمنية وعلى رأسها ضمان الإفراج عن أكبر عدد من المخطوفين الذين على قيد الحياة.
وأضاف: “بدون أبسط هذه الإنجازات، فالمجلس الوزاري المصغر ذو المواقف المتشددة، سيصعب على نتنياهو تمرير الاتفاق”.