وفي نفس الوقت تتواصل الجهود لتطوير هذه الحلول والسعي نحو حلول أكثر حداثة وكفاءة، الأمر الذي يتطلب نقل هذا الزخم والخبرة إلى الجيل القادم الذي سيواصل بل ربما سيتفوق على جيلنا في تلبية متطلبات مشهد الطاقة المعقد والمتطور.
ونحتفي اليوم (12 أغسطس)، باليوم العالمي للشباب ولطالما أتذكر في هذا اليوم القول المأثور لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”: “ما من أمة تسعى لأن تحتل مكانا مرموقا ومتميزا إلاّ وأولت العملية التعليمية والتربوية اهتماماً بالغاً، تستطيع من خلالها بناء جيل واعٍ متمسك بثقافته، وقيمه، وتقاليده أولاً، ثمّ قادر على التكيف مع تطورات العصر، ومعطيات التكنولوجيا الحديثة ثانياً“.
إن الرؤية الثاقبة والرشيدة لدولة الإمارات وضعت اقتصادها في مصاف الدول المتقدمة، والذي انعكس بشكل بارز على تطوير المواهب الوطنية الشابة، إذ باتوا يتقلدون مناصب ريادية في شتى المجالات. وتعزيزاً لهذا التوجه، اعتمد مجلس الوزراء مؤخراً برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، الأجندة الوطنية للشباب حتى العام 2031، وتركز على خمس قضايا مهمة وهي تمكين الشباب اقتصادياً، وتطوير مهاراتهم علمياً، وترسيخ هويتهم وطنياً، وتعزيز مساهماتهم مجتمعياً، وتفعيل دورهم لتمثيل بلادهم دولياً. إذ تعكس هذه الأجندة دور الشباب باعتبارهم ثروة حقيقة، كما تحرص على الاستثمار في المهارات الحيوية والتدريب والتوجيه، فضلاً عن خلق فرص العمل.
بناء المهارات الشابة لقطاع الطاقة
إن التحول الكبير الذي يشهده قطاع الطاقة لا يقتصر فقط الاعتماد على التقنيات الحديثة والصديقة للبيئة، بل أيضاً يتطلب تطوير المهارات القادرة على مواجهة مختلف التحديات التي تواجه الانتقال نحو الحلول الحديثة. وتشير دراسة حديثة صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن تحول الطاقة سيوفر أكثر من 40 مليون وظيفة حتى العام 2050. إن هذه ما هي إلا توقعات مبدئية تعكس المشهد الحالي لتحول الطاقة، ومن الممكن أن توفر أكثر بكثير في حال وجود استراتيجية شاملة لتنمية جيل جديد من المواهب وتجهيز القوى العاملة الحالية من خلال برامج إعادة التأهيل والتدريب.
إن السياسة الحكومية قادرة على خلق إطار قوي لتلبية هذا المطلب، ولكن الالتزام الاستراتيجي من جانب القطاع الخاص يلعب دوراً حاسماً في بناء قوة عاملة ماهرة. ولطالما حرصنا في سيمنس للطاقة على إطلاق المبادرات المختلفة لتنمية المواهب المحلية في قطاع الطاقة، ودعم دولة الإمارات العربية المتحدة في رحلتها. ففي عام 2022، أطلقنا برنامج التدريب المهني للشباب الإماراتي. ويمنح البرنامج الذي يستمر لمدة ثلاث سنوات خريجي المدارس الثانوية والجامعات الفرصة للتدريب في مركز الخدمة الخاص بنا في أبوظبي حيث يمكنهم اكتساب الخبرة العملية في تكنولوجيا الطاقة وبناء المهارات الميكانيكية الأساسية والتعرف على عملياتنا التجارية.
وفي إطار حرصنا على دعم المبادرات المحلية، انضمت سيمنس للطاقة بصفة عضو في برنامج جسور، المبادرة الاستراتيجية من صندوق الوطن وشركة الدار لتهيئة خريجي جامعات الدولة الراغبين في العمل في القطاع العام من خلال برامج التدريب المهني وبناء المهارات. حيث قمنا بتوفير برنامج تدريب عملي لمدة ثمانية أسابيع للعمل ضمن مراكزنا للابتكار المتواجدة في كل من برلين وأبوظبي، وأسهم البرنامج بتقديم الرؤى والخبرة العملية للطلبة الإماراتيين عن أبرز الحلول المبتكرة في قطاع الطاقة والعمل بشكل مباشر مع الخبراء.
كما نحرص ومن خلال مركز الابتكار لدينا في أبوظبي، وهو ثمرة التعاون ما بين مكتب أبوظبي للاستثمار وجامعة خليفة على توفير أكثر من 75 وظيفة للطلبة الإماراتيين، بما يسهم في وضعة بصمتهم الخاصة في مجال اعتماد الحلول المبتكرة لمواجهة التغير المناخي وتسريع وتيرة الانتقال نحو الطاقة المتجددة، وذلك بالتعاون مع شركائنا وعملائنا والمؤسسات التعليمية ومركز البحث والتطوير.
وفي الختام، فإن مسيرة نمو اقتصاد المستدام في دولة الإمارات يرتبط بشكل وثيق مع صقل المهارات الوطنية الشابة، ولا بد مواصلة التعاون ما بين مختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية لتوسيع وتنويع الخبرات الإماراتية، ويمكننا القول أن الوقت الراهن يعد مرحلة مفصلية في إعداد جيل من المهندسين والمبدعين والمفكرين لا سيما مشرعي القوانين من جيل الشباب، لضمان تحقيق أهدافنا في تحقيق مستقبل أكثر استدامة وأماناً.