وأفادت مصادر محلية لموقع “سكاي نيوز عربية” بأن العمليات العسكرية الأخيرة أدّت إلى تدمير البنية التحتية الضعيفة أصلا، ومنها المراكز الصحية، مع نقص اللقاحات؛ ما أسهم في انتشار المرض بشكل واسع، ووفاة العشرات، بينهم 34 طفلا قرب منطقة “تين زواتين”، وتم فتح 6 مقابر في يوم واحد لتشييع الضحايا.
أخطر أنواع الملاريا
وسجّل العاملون في المجال الطبي آلاف الإصابات بالملاريا خلال الأسابيع الماضية، ولفتت المصادر إلى تكدّس المرضى من النازحين على الحدود الجزائرية والحدود مع موريتانيا؛ إذ يتعرض هؤلاء لمخاطر الوفاة يوميا بسبب نقص الأدوية، وسط مطالب للمنظمات الإنسانية والخيرية بالتدخل العاجل.
ويقول حسن آله ونهاره، طبيب يعمل في أزواد، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “النظام الصحي في الوقت الحالي منهك تماما”، وأرجع ذلك للأحوال التالية:
- يتزامَن مع المرض هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات في المنطقة؛ ما يزيد من انتشاره.
- نقص حاد في الأدوية الخاصة بعلاج الملاريا بالمستشفيات والمراكز الصحية، وانعدامها في مناطق النزوح، بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة والافتقار للمياه النظيفة والمأوى الصحي، وكذلك في المناطق الصحراوية التي تفتقر لوسائل الرعاية الصحية الأساسية.
- محاصرة المرض يتطلب تنظيف الأراضي الرطبة، وإزالة الأعشاب الضارّة، وتجفيف البرك، وتوزيع الناموسيات، وزيادة الوعي العام، وهذا كله تلزمه موارد كبيرة.
- هذا العام، شهد إقليم أزواد انتشار حمّى الملاريا المنجلية، التي تُعتبر أخطر أنواع الملاريا؛ إذ تتّسم بمقاومتها للأدوية ومضاعفاتها الخطيرة؛ مما يؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الوفيات.
- وتتسبّب الظروف الأمنية في صعوبة حصر أعداد الوفيات التي يقدّرها البعض بالمئات، وكذلك صعوبة حصر الإصابات التي يصفها “ونهارة” بأنها “كارثة حقيقية”.
ويشهد إقليم أزواد منذ أغسطس 2023، أعمالا قتالية واسعة، على فترات متقطّعة، بين الجيش المالي وشركة “فاغنر” المسلحة الروسية من ناحية، وجماعات مسلحة تسعى إلى الاستقلال بإقليم أزواد من ناحية أخرى، وازدادت وتيرتها خلال الأسابيع الأخيرة، بجانب مواجهات كذلك مع جماعات إرهابية تابعة لتنظيمَي القاعدة وداعش.
نشر العدوى بالنزوح
وعن تأثير هذا القتال، يقول “أيوب أغ شمد”، المتحدث باسم منظمة إيموهاغ للعدالة والشفافية، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه تسبب في تدمير جزء كبير من البنية التحتية الصحية؛ مما صعّب وصول الخدمات الصحية والمنظمات الإنسانية للسكان المتضررين.
كما يلفت إلى أن نزوح عدد كبير من السكان؛ فرارا من أعمال القتال، جعلهم يحملون العدوى إلى مناطق أخرى، خاصّة مع التكدس في المخيّمات وغياب الصرف الصحي ونقص الغذاء، بجانب أن حالة الخوف والقلق التي تصاحب النازحين تؤثّر في صحتهم الجسدية والنفسية؛ وتزيد من تعرّضهم للأمراض.
وحسب أيوب أغ شمد، فإنه تم إطلاق حملة لجمع التبرّعات والأدوية، لكن إغلاق الحدود يعوق وصول المساعدات بشكل سريع، معبّرا عن قلقه العميق بقوله إن “النظام الصحي في الوقت الحالي منهار”.
وسجّلت مالي هذا العام أكثر من 3 ملايين حالة إصابة بالملاريا، وفق معلومات نشرها البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا، بمناسبة اليوم العالمي للملاريا الموافق لـ25 أبريل 2024، لكن يختلف انتشارها من منطقة إلى أخرى، وتسببت الظروف القتالية والأمنية في إقليم أزواد في أن يكون له نصيب كبير من الإصابات.
ويتكرر انتشار الملاريا، خاصة في المواسم والمناطق المطيرة سنويا، في مالي والنيجر ودول مجاورة أخرى؛ نتيجة ضعف البنية التحتية لقطاع الصحة.