ويشير المحامي المعز حضرة إلى أن المادة 136 من القانون الدولي الإنساني وعدد من المواد والقواعد الواردة في المعاهدات والبروتوكولات الدولية المشابهة تحظر تجنيد واستخدام الأطفال في القتال وتعتبره جريمة حرب تستدعي المحاسبة من جانب المحكمة الجنائية الدولية.
ويضيف حضرة أنه وبناءا على ذلك تضاف أطراف النزاع التي تجنِّد وتستخدِم الأطفال بواسطة الأمين العام في قائمة العار التي يصدرها سنوياً.
لكن محمد وأقرانه بل حتى معظم أبائهم لا يلمون بالتبعات التي يمكن أن تترتب على تجنيد الأطفال، ويوضح في حديث لموقع سكاي نيوز عربية أن انخراطه في التدريبات يأتي بعد ان تم جمعه مع مجموعة من أقرانه من قريته وقرى مجاورة من قبل شباب لا يعرف هويتهم، لكنهم أبلغوه بضرورة الانخراط في التدريبات حتى يكون قادرا على “صد الأعداء”.
هزيمة العدو
ويجيب محمد على سؤال حول ما إذا كان ملما بتبعات خوض أعمال قتالية في هذه السن المبكرة؛ يقول محمد “قالوا لنا تستطيعون هزيمة العدو ويجب أن تثبتوا رجولتكم”.
ويرى حقوقيون وناشطون أن معظم الأطفال المجندين وقعوا ضحية لحملة إعلامية منظمة تقودها المجموعات الداعمة للحرب والتي تنتمي إلى دوائر نظام الإخوان الذي أطيح به في أبريل 2019 بعد أن حكم البلاد نحو ثلاثين عاما.
وفي هذا السياق، يوضح محمد عثمان وهو قاضي سابق “المجموعات التي تدير عمليات التجنيد تستغل حماسة الأطفال وبساطتهم وصغر سنهم والفراغ الذي يعيشونه بسبب الابتعاد عن مقاعد الدراسة لأكثر من 10 أشهر بسبب الحرب”.
ويتوقع عثمان أن يواجه الأطفال المجندون صعوبات كبيرة، ويضرب مثلا بما حدث إبان حرب الجنوب في تسعينيات القرن الماضي.
ويقول “عمل الإخوان إبان حرب الجنوب على تفويج الآلآف من الشباب والقذف بهم فى محرقة الحرب وهم مضللين؛ وحكى طيار حربى أنه قاد طائرة فى تلك الأيام مليئة بجنود الدفاع الشعبى من صغار السن تم خداعهم وغادر الخرطوم وهم يهللون وهم يهتفون وعندما استوعبوا الحاصل أنهم فى سماء جنوب السودان وسيخوضون حرباً بدأوا في العويل والبكاء وطلبوا من الطيار إعادتهم إلى الخرطوم”.
ووفقا لحسين الحامدابي الناشط السياسي والحقوقي، فإن تجنيد الأطفال في هذه السن المبكرة “ستكون له تبعات كارثية، حيث يفترض أن يكون مكانه الطبيعي في مقاعد الدراسة وبعيدا عن أجواء العنف التي تؤثر سلبا على نشأته”.
الاستنفار
ويوضح الحامدابي في حديث لموقع سكاي نيوز عربية “تحويل خطوات الأطفال من فصول الدراسة إلى معسكرات الاستنفار أمر خطير للغاية حيث تقوم تلك المعسكرات بتدريبات تهيئ الطفل للاستعداد للعنف والقتل وتغذيته بخطاب الكراهية العنصري والتحريضي، مما يعطل الإحساس بالوطنية واحترام التنوُّع”.
لكن في الجانب الآخر، يرفض الكثير من السودانيين فكرة تجنيد أبنائهم في حرب لا طائل منها، مستندين إلى تجارب سابقيهم مثل الحاج الأمين الذي سمح لابنه بالانخراط في معسكرات القتال في التسعينيات؛ قبل أن يستوعب فظاعة ما قام به عندما أبلغوه بمقتل ابنه الذي لم يبلغ السن القانونية للتجنيد في إحدى المعارك في الجنوب.
وعلى الرغم من أن دعاية الحرب أقنعت الحاج الأمين في ذلك الوقت بأن أبنه قد مات من أجل الوطن، إلا أنه اكتشف بعد انفصال الجنوب في العام 2011 بأن ابنه قد فقد حياته فى حرب “عبثيه”.
ويقول الحاج الأمين: “أعمل الآن بكل جهد من أجل إقناع الآباء بعدم السماح بتجنيد أبنائهم وتحويلهم إلى وقود لحرب لن تنتهي إلا بتفاوض وتصافح بين طرفي القتال”.
حقائق:
- وفقا لمبادئ اتفاقية باريس، فإن الطفل المجند هو أي طفل يرتبط بقوة عسكرية أو بجماعة عسكرية هو أي شخص في أي صفة بما في ذلك على سبيل المثال وليس الحصر الأطفال والغلمان والفتيات الذين يتم استخدامهم محاربين أو طهاة أو حمّالين أو جواسيس.
- 19 مليون طفل سوداني خارج مقاعد الدراسة بعد أن تسببت الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل في إغلاق المدارس والجامعات في 90 في المئة من مناطق البلاد.
- يؤكد روميو دالير الذي قاد في عام 1994 قوة بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى رواندا أن تجنيد واستخدام الجنود الأطفال كان واحدا من الأسباب التي اسهمت في تفاقم الوضع المفضي إلى الإبادة الجماعية في رواندا.
