ومع موافقة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على مهمة بحرية لحماية الملاحة الدولية في منطقة البحر الأحمر من الهجمات التي يشنها المسلحين الحوثيين، أثيرت تساؤلات بشأن مدى إمكانية أن تحقق تلك المهمة دورها المنوط به، وما هي الانعكاسات الاقتصادية المحتملة لذلك.
- يقود المهمة الاتحاد الأوروبي.
- مسمى “أسبيدس” يعود إلى كلمة يونانية قديمة تعني الردع.
- تتضمن المهمة إرسال 3 سفن حربية أوروبية وأنظمة إنذار مبكر محمولة جوا إلى البحر الأحمر وخليج عدن والمياه المحيطة.
- تأتي تلك المهمة لاستكمال عملية “حارس الازدهار” الحالية التي تقودها الولايات المتحدة بمشاركة عدد من الدول الأوروبية، خاصة الدنمارك واليونان وهولندا، في حين تدخل فرنسا وإيطاليا في عضوية تلك البعثة، إلا أنهما تعملان في المنطقة بأوامر قياداتهما الوطنية.
- سيكون لدى سفن مهمة “أسبيدس” أوامر بإطلاق النار على المسلحين فى حالة تعرضها للهجوم أولا، لكن لن يُسمح لها بإطلاق النار بشكل استباقي.
تداعيات “أسبيدس” الاقتصادية
يقول مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، الدكتور مصطفى أبوزيد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن مهمة “أسبيدس” وتداعياتها الاقتصادية تتوقف على المدى الزمنى المتوقع لتلك المهمة ومدى نجاحها، مشدداً على أن المدة الزمنية ستكون لها آثارها الاقتصادية على ارتفاع أسعار الطاقة والسلع والمنتجات نتيجة تغير مسار السفن من البحر الأحمر مرورا بقناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الصالح.
ويوضح أن لجوء السفن إلى تغيير مسارها بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر يعنى تكلفة وقود أعلى ووقت أطول يسهم فى زيادة تكلفة الشحن وبالتالي أسعار السلع والمنتجات، بما لذلك من تبعات وتأثيرات على معدلات التضخم عالميًا.
ويشير إلى أنه في حالة استغراق تلك المهمة حيز زمني طويل، وبالتوازي مع سلوك شركات الشحن فى التحوط أكثر ضد مخاطر العبور، فإن ذلك سيؤثر على دخول الاقتصاد العالمي حتى أنه يمكن أن يقود إلى أزمة حقيقية بسبب اضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع التكاليف.
ويشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة أن تكون المهمة محددة المدة لتحقيق أهدافها لعودة الأمور إلى طبيعتها في أقرب وقت “وإلا سنشاهد المزيد من ارتفاع معدلات التضخم مرة أخرى بعدما جاهدت معظم البنوك المركزية حول العالم خلال السنة الماضية في مجابهة التضخم برفع أسعار الفائدة والضغط على الدول النامية وتزايد مخاطر المديونية”.
تباطؤ اقتصادي قوي
فيما يستبعد الخبير الاقتصادي، الدكتور مصطفى بدرة، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية” أن يكون لمهمة “أسبيدس” أي تأثير من شأنه تخفيف الأوضاع الاقتصادية المتأثرة بالسلب من تصاعد توترات البحر الأحمر، في ضوء استمرار تصاعد هجمات الحوثيين على السفن، واستمرار تباطؤ العالم في حل القضايا السياسية والتي تنعكس آثارها على الوضع الاقتصادي سريعًا، وهو ما تعكسه السبع أعوام السابقة من تأثير أزمات ليبيا، الشرق الاوسط، العراق، سوريا، السودان وأخيرًا غزة.
ويضيف: “المجتمع الدولي مطالب حالياً بسرعة التحرك لإنهاء القضايا السياسية لتوضيح الرؤية الاقتصادية”، مؤكدًا أن العالم ينجرف حالياً نحو التباطؤ الاقتصادي في العام 2024، وهو ما سيضعف التأثير الاقتصادي لعملية التشديد النقدي ورفع الفائدة المتبعة حالياً ومن ثم ستتراجع معدلات النمو والإنتاجية في ضوء زيادة أسعار الغاز والبترول والتأمين وتكلفة النقل، والدخول إلى تصور غير محمود في الأوضاع الاقتصادية.
ويوضح الخبير الاقتصادي أن:
- أزمة اضطرابات الشحن قضية في غاية التعقيد، خاصة مع تأخر المجتمع الدولي في علاجها، وهو ما سينعكس على مستويات الأسعار وارتفاعها في العالم.
- استمرار تلك الأوضاع دون حلول سريعة سينعكس بالسلب على تباطؤ معدلات النمو حول العالم وزيادة معدلات التضخم.
- المنظومة الاقتصادية العالمية تأثرت سلبًا من عدة أزمات متلاحقة بداية من أزمة كورونا، وما تبعها من أزمات الحرب في أوكرانيا وسلاسل الإمداد، الأمر الذي يضغط على منظومة الاقتصاد العالمي ويدفعه نحو حافة الهاوية.
- إن ما تشهده دول الاتحاد الأوروبي من تباطؤ اقتصادي سواء في إنكلترا وألمانيا، يعكس تأثير تلك الأوضاع المتوقع استمرارها، في ضوء توجهات العالم نحو طريق عدم التصحيح لزيادة النمو.
وتسببت هجمات الحوثيين في المنطقة في ارتباك حركة النقل البحري العالمي، حيث أُجبرت شركات الشحن على اختيار طرق أطول وأكثر تكلفة حول إفريقيا، في الوقت الذي أشار مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي باولو جينتيلوني إلى أنه “مع إعادة توجيه الشحن، زادت أوقات تسليم الشحنات بين آسيا والاتحاد الأوروبي بمقدار 10-15 يوما، وارتفعت تكاليف هذه الشحنات بنحو 400 بالمئة”.
أهداف استراتيجية
ويتفق معه خبير الأمن القومي، اللواء محمد عبد الواحد، والذي يرى أن مهمة “أسبيدس” لن يكون لها تأثير قوي في تقليل حدة التوتر التي تشهده منطقة البحر الأحمر في ظل استمرار هجمات الحوثيين على السفن، مؤكدًا أن:
- الأزمة الحالية تختلف عن عمليات القرصنة التي يمكن السيطرة عليها عبر هذه المهام وذلك في ضوء الضربات التي تنفذ عبر الجبال والتي يصعب السيطرة عليها بخلاف توجيه ضربات مباشرة إلى الحوثيين.
- عدم تخفيف حدة التوتر ستتبعه بالضرورة آثار سلبية على الأوضاع الاقتصادية، وهو ما تشهده المنطقة من تأثير وتوتر على صعيد حركة الملاحة البحرية البحرية لاسيما وأن هذه المنطقة يمر بها نحو 12 بالمئة من حجم التجارة الدولية، بالإضافة إلى مرور نحو 44 بالمئة من حجم التجارة المتجهة من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا.
- التواجد الأميركي بالمنطقة وما يبتعه من تواجد أوروبي له أهداف استراتيجية قبل السيطرة على ضربات الحوثيين، ومستهدفات أخرى في المنطقة وهو مسار شهد إقناع العالم أن هذه الأزمة تهدد السلم الأمني، بهدف استمرار التمركز في هذه المنطقة لتحقيق اهداف استراتيجية.
- الصين تعد من أكثر المتضررين في المنطقة والتي تعتمد على 85 بالمئة من اقتصادها فيما يعرف بالاقتصاد الأزرق، وهو ما يضغط عليه حاليًا التنافس الأميركي الصيني على البحار والمحطات والسيطرة على الممرات المائية.