المنتدي يعد فرصة من أجل تبادل المعلومات والخبرات بين الدول الأعضاء المشاركة، فيما يخص كل ما يتعلق بصناعة الغاز، حاضرها ومستقبلها، مع مناقشة أبرز التحديات التي تلف القطاع، لا سيما في ظل التوترات الجيوسياسة المتنامية والتي تنعكس بشكل مباشر على إمدادات الطاقة، لا سيما بالنظر إلى التوترات في البحر الأحمر وما تحمله من سيناريوهات.
كذلك يعمل المنتدى على المساهمة في رسم مستقبل الطاقة، كمدافع عالمي عن الغاز الطبيعي ومنصة للتعاون والحوار، بهدف دعم الحقوق السيادية للدول الأعضاء على مواردها من الغاز الطبيعي والمساهمة في التنمية المستدامة وأمن الطاقة العالمي، وفق ما نقلته تقارير جزائرية محلية. كما يطمح المنتدى لجعل الغاز الطبيعي موردا أساسيا للتنمية الشاملة والمستدامة، وتوسيع دوره في التنمية المستدامة، في سياق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
ويُعول على الجزائر -الدولة المستضيفة للمنتدى- في القيام بجهود واسع من أجل الوصول لمخرجات مؤثرة وتحقيق التوافق، لا سيما لما لها من ثقل طاقوي، ومع ما تتبناه من استراتيجيات تطويرية واسعة لتكون لاعباً أساسياً على خريطة الطاقة العالمية.
وبحسب تقرير منتدى الدول المصدرة للغاز GECF لشهر يناير 2024، فإن الجزائر استحوذت عام 2023 على حصة 19 بالمئة من الغاز الطبيعي المصدر عن طريق الأنابيب نحو الاتحاد الأوروبي، لتحتل المرتبة الثانية بعد النرويج التي جاءت في المرتبة الأولى، بحصة 54 بالمئة، فيما حلت روسيا في المرتبة الثالثة بحصة 17 بالمائة.
تصدير الغاز والحرب في أوكرانيا
يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة أم البواقي في الجزائر، البروفيسور مراد كواشي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الجزائر تحتضن اعتبارا من اليوم مؤتمر القمة السابعة لمنتدى البلدان المصدرة للغاز، موضحًا أن هذا المنتدى يُناقش التطورات الأخيرة التي شهدها قطاع الطاقة بشكل عام والغاز بشكل خاص.
ويضيف أن العالم شهد تغيرات وتقلبات شديدة، خاصة بعد الحرب في أوكرانيا، ما نجم عنها من أزمة طاقة عصفت بكثير من الدول الأوروبية وعديد من الدول الأخرى.
ويشير أستاذ الاقتصاد بجامعة أم البواقي، في هذا الإطار، إلى أن:
- الجزائر وفرت الظروف كافة من الناحية الإعلامية واللوجستية والسياسية، وكذلك الحضور البارز المشارك فيها، مما يعود على هذه القمة بالنجاح.
- منذ ديسمبر الماضي ومع الأحداث التي شهدها البحر الأحمر، تأثرت الإمدادات مع تعرض ناقلات الغاز القطرية للعديد من الاعتداءات.
- قرار البيض الأبيض منذ أيام بوقف عملية تقديم تراخيص لإنشاء الغاز المسال مما أربك الدول الأوروبية التي تحصل على 60 بالمئة من احتياجاتها الغازية من الولايات المتحدة الأميركية، من بين المستجدات التي تُناقش على صعيد قطاع الغاز.
- من أهم الملفات خلال القمة، تكمن في إنشاء منظمة أو تكتل على غرار منظمة الأوبك، معنية برسم سياسة واستراتيجية غازية على المدى القصير والمتوسط والطويل.
ويتحدث الخبير الاقتصادي الجزائري عن تعاظم وضع الجزائر على الخارطة الطاقوية، خاصة بعدما أزاحت نيجيريا من ريادة الترتيب العالمي لأكبر مصدري الغاز المسال في إفريقيا، موضحاً أن
- الجزائر أصبحت تحتل المرتبة الأولى إفريقيًا في تصدير الغاز المسال.
- استطاعت الجزائر الوفاء بجميع التزاماتها تجاه شركائها وزبائنها الأوروبيين منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
- استطاعت الجزائر زيادة الإمدادات، فمنذ أيام أعلنت خطتها الاستثمارية بقيمة 50 مليار دولار، لزيادة عمليات الاستكشاف والبحث عن الطاقة الأحفورية.
- تعاظم موقع الجزائر كدولة طاقوية بامتياز في البحر الأبيض المتوسط.
- تمويل الاتحاد الأوروبي بـ12 بالمئة من احتياجاته الغازية، وهذا الرقم مرشح للزيادة في القريب العاجل.
ويؤكد في ختام حديثه، مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن هذه الأسباب كافة تجعل من مؤتمر الجزائر ربما موعدًا مهمًّا من أجل ضبط السوق الغازية ووضع استراتيجية للتحكم في عمليات الإنتاج والتسعير والإمدادات.
يشار إلى أن المنتدى تأسس في شهر مايو من العام 2001 في طهران، ويعقد سنويا “بدون هيكل مؤسسي وطابع رسمي له”. وتطور فيما بعد إلى منظمة دولية، مع توقيع اتفاق بشأن عمل الأمانة العامة والنظام الأساس للمنتدى في الاجتماع الوزاري السابع في موسكو خلال ديسمبر 2008، مع اختيار قطر مقرا رئيسيا للمنتدى.
ويضم المنتدى 19 دولة ، وتتوزع عضوية هذه الدول بين 12 دولة عضوا أساسي، و7 دول بصفة مراقب. وتوفر دول المنتدى 44 بالمئة من الإنتاج المسوق، وتستحوذ على 52 بالمئة من خطوط الأنابيب، و51 بالمئة من صادرات الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم.
الجزائر في خارطة الطاقة العالمية
وفي سياق متصل، يؤكد مدير مؤسسة الدراسات الاقتصادية بالجزائر، الدكتور حمزة بوغادي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، على أن الجزائر اتخذت طريقاً متوازناً في تطوير قدراتها التصديرية والإنتاجية في الغاز وتكريس مبدأ التطور المرن.
ويضيف أن الجزائر لا تعتمد بشكل مفرط في مدخراتها على قدراتها المالية وإنما تستند على شراكات، وهذا ما ترجمته في الواقع مع الإيطاليين في مشاريع قدرت بـ5 مليارات دولار في التطوير والاستكشاف، لافتاً في الوقت نفسه إلى عمليات زيادة في الإنتاج بناءً على طلب المشاركين الأوروبيين لتعطيهم احتياجاتهم، ذلك أن انتهجت الجزائر سياسة واضحة ومنطقية وواقعية في تصدير الغاز مقابل ضخ الأموال للاستثمار في الجزائر.
كما يلفت إلى تبني بلاده استراتيجية لتطوير القطاع عموماً، وبما يعزز وضعها على خارطة الطاقة العالمية بحجم المخزونات المؤكدة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى الخبرة التراكمية لكل وسائل المعرفة في مكان الاستكشاف والنقل عبر الأنابيب، أو عبر محطات الغاز، وبالتالي “تمتلك الجزائر من القدرات التي تعطيها الاستمرارية في التمويل الآمن والموثوقية، علاوة على أن لديها سمعة طيبة مع شركائها التقليديين لأكثر من 30 عامًا من الإيطاليين والإسبانيين”.
ويشير إلى أن بلاده تتمتع بثقل واسع وجميع الإمكانات التي تؤهلها لإنجاح القمة السابعة لمنتدى البلدان المصدرة للغاز، والذي سينعقد في الجزائر لتنسيق الرؤى مع المنتجين والبحث عن مصالحهم الاقتصادية حتى لا يتم ضرب مصالحهم من قبل الدول المستهلكة.