وأصبح من الممكن الآن بموجب هذا القانون الذي تدعمه حكومة المستشار الديمقراطي الاشتراكي، أولاف شولتس، التقدم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية بعد خمس سنوات من الإقامة، بدلا من ثماني سنوات حاليا.
ووفقا لتصريح وزيرة الداخلية، نانسي فيزر، فإن إقرار القانون يعتبر “إصلاحا حاسما بالنسبة للوضع الاقتصادي الألماني خصوصا في خضم منافسة عالمية لجذب أفضل العقول”، معبرة عن “حاجة بلادها الماسة إلى العمالة الماهرة في العديد من القطاعات”.
الهجرة في مواجهة الشيخوخة
ويعزو خبير الهجرة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن، ديفيد كيب، أسباب هذا النقص في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى “تقلص عدد السكان العاملين في ألمانيا بشكل خاص في السنوات المقبلة مع وصول مجموعة كبيرة من السكان إلى سن التقاعد. ويتوقع معهد أبحاث التوظيف، أنه لا يمكن الحفاظ على حجم العمالة الحالي إلا من خلال هجرة سنوية صافية تبلغ 400 ألف عامل حتى عام 2035”.
وأضاف كيب: “في حين لا تزال الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مصدرا لأغلبية هجرة اليد العاملة، فإن إمكاناتها للهجرة آخذة في الانخفاض بسبب شيخوخة سكانها. وسوف يصبح توظيف العمال من بلدان أخرى، بما في ذلك البلدان الشريكة في التنمية لألمانيا، ذا أهمية استراتيجية”.
وبلغة الأرقام، يعيش في ألمانيا حاليا أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ وطالب لجوء، وهو عدد أكبر من أي دولة أوروبية أخرى.
كذلك فإن نظام الاستقبال قد وصل إلى أقصى حدوده، إذ زادت في العام الماضي، طلبات اللجوء بنسبة تزيد عن 50 في المئة.
ويبدو أنه منذ مطلع الألفية، بذلت كافة الحكومات الفيدرالية الألمانية جهودا لتشجيع هجرة العمالة وشرعت في إصلاحات مماثلة، إذ بحسب خبير الهجرة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن فإن “إصلاح قانون الجنسية الذي بدأته في عام 2000 الحكومة الائتلافية للديمقراطيين المسيحيين والاشتراكيين، ونظام البطاقة الخضراء لعام 2001، وإصلاح قانون الإقامة في عام 2004، وضع حدا لعقود من الجمود في سياسة الهجرة الألمانية”.
وفي عام 2020، دخل قانون هجرة “العمال المهرة” حيز التنفيذ، وترافق هذا التدبير مع إجراءات أخرى، مثل توسيع دورات اللغة الألمانية المقدمة في الخارج، والحملات الإعلانية المستهدفة، والفرص الإضافية للتدريب أو إعادة التدريب في ألمانيا.
وفي ديسمبر 2019، وافقت الحكومة الفيدرالية على استراتيجية تكميلية لتوظيف العمال المهرة، تنص على توسيع تعاونها مع البلدان التي لديها إمكانات العمالة الماهرة.
ووضعت الحكومة الحالية قانون “مواصلة تطوير هجرة العمال المهرة”، الذي دخل حيز التنفيذ في نوفمبر 2023 لخلق مسارات جديدة إضافية لهجرة العمال المهرة.
وتشمل الوظائف التي تعاني نقصا في العمالة أساسا القطاعات الاجتماعية والتعليمية، والصحة والرعاية، وتكنولوجيا المعلومات وتلك المرتبطة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
وفي الوقت نفسه، تزايد الطلب على العمالة ذات المؤهلات المنخفضة أيضا، مثل الخدمات المتعلقة بالأسرة والبناء والحرف اليدوية الماهرة.
اليمين المتطرف والتمييز
مقابل هذا الانفتاح، يتهم اليمين المتطرف الذي يتمتع بشعبية متزايدة الحكومة بعدم القدرة على السيطرة على حالة الطوارئ المتعلقة بالهجرة.
وفي هذا السياق، اتخذ المستشار أولاف شولتس القرار التاريخي بتشديد سياسة الهجرة، إذ احتدمت المناقشات السياسية حول الهجرة عندما حقق حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف فوزا تاريخيا في الانتخابات المحلية العام الماضي.
وإلى جانب صعود اليمين المتطرف، يؤكد الخبير في مجال الهجرة كيب، على التمييز الذي يتعرض له أصحاب البشرة السوداء والآسيويون والمسلمون ويكشفون عنه الم العالم نيوزالوطني الجديد للتمييز.
ويستند كيب في حديثه إلى تقارير حديثة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تشير إلى أن العمال الأجانب المهرة يواجهون قدرا أكبر بكثير من العنصرية مما كانوا يتوقعونه قبل انتقالهم.
ويظهر ذلك من خلال دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تفيد بأنه وعلى وجه التحديد، توقع واحد من كل ثلاثة أن يتعرض الأجانب للتمييز في ألمانيا، مثلا عند البحث عن سكن، فيما تعرض أكثر من نصف الذين شملهم الاستطلاع للتمييز.
وعلى الجانب المشرق، يذكر كيب “كيف كانت خطط حزب (البديل من أجل ألمانيا) المسربة لعمليات الترحيل الجماعي بمثابة دعوة للاستيقاظ للعديد من القوى الديمقراطية في ألمانيا، وهو ما يمكنك رؤيته في المظاهرات الحاشدة الأخيرة، ليس فقط في برلين، ولكن في جميع أنحاء ألمانيا، وأمر بالغ الأهمية، يلتزم جزء من المجتمع الألماني بالدفاع عن مجتمع مفتوح وتحسين ألمانيا كدولة هجرة حديثة”.
حاجز اللغة والاعتراف بالشهادة
ولا يجب على العمال المهاجرين تخطي مشاكل التمييز فقط بل يتعين عليهم أيضا إثبات أنهم يمتلكون مهارات لغوية كافية.
فتلك المهارات شرط أساسي للنجاح في العديد من المهن وتؤثر أيضا على المساهمة التي يمكن أن يقدمها المهاجرون في تنمية بلدانهم الأصلية عن طريق التحويلات المالية أو نقل المعرفة.
ووفقا لدراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، غالبا ما يتم الاستهانة بالحاجة إلى تعلم اللغة الألمانية بين المهاجرين، فمن بين المهتمين بالدراسة في الخارج، يعتقد واحد فقط من كل اثنين أنه من المهم تعلم اللغة، بينما يعتقد 35 في المئة أنه يمكنهم أيضا “التعامل بشكل جيد باللغة الإنجليزية”.