وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، نشرت ست من الشركات السبع نتائج الربع الثاني، الذي كان بمثابة رحلة مليئة بالتقلبات. فقد تذبذبت القيم السوقية اليومية بمئات المليارات من الدولارات، وتذبذب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 قبل أن ينخفض بنحو 6 بالمئة من الرقم القياسي الذي بلغه في منتصف يوليو.
وبحسب تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، فإنه بينما لا يزال التفاؤل بالذكاء الاصطناعي قائما، لكن النشوة قد انخفضت قليلا.
- استثمرت شركات مثل غوغل ومايكروسوفت وأمازون وميتا بكثافة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج لغوية كبيرة خاصة بها ودمجها في أعمالها.
- أدى ذلك إلى تعزيز الشركات عبر سلسلة توريد التكنولوجيا.
- شهدت الشركات المشاركة في تصنيع الرقائق وبناء مراكز البيانات وصيانة النماذج والتدريب ارتفاعاً في الإيرادات.
- بين بداية عام 2023 ومنتصف يونيو، ارتفعت أسهم شركة أشباه الموصلات إنفيديا – والتي من المقرر أن تعلن عن نتائجها في نهاية أغسطس – بأكثر من ثمانية أضعاف.
ولكن مع توقعات البعض بأن تبلغ تكاليف بناء البنية الأساسية للذكاء الاصطناعي نحو تريليون دولار في السنوات القليلة المقبلة وحدها، بدأ صبر المستثمرين ينفد، وفق التقرير.
كان المستثمرون حريصين على رؤية أرباح أقوى من شركات التكنولوجيا الكبرى والتقدم في التطبيقات الجديدة كدليل على إمكانية إرجاع الإنفاق الرأسمالي الضخم.
ومع ذلك، كانت نتائج الربع الثاني مختلطة:
- جاءت نتائج غوغل ومايكروسوفت وأمازون مخيبة للآمال بالنسبة للمستثمرين.
- أعلنت شركة أبل عن ارتفاع ربع سنوي في الإيرادات، على الرغم من أن استجابة السوق كانت خافتة.
- وفي يوم الخميس، قدم نمو الإيرادات القوي في ميتا، إلى جانب التزام المؤسس مارك زوكربيرج بمواصلة الإنفاق بكثافة على الذكاء الاصطناعي، بعض التحسن.
- ومن بين الشركات السبع – التي تشكل حوالي 30 بالمئة من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 – شهدت أبل وتيسلا فقط ارتفاعًا في القيمة السوقية لهما في يوليو، وفقًا لبيانات بورصة لندن .
كانت “مايكروسوفت” قد أعلنت عن تحقيق أرباح قدرها 22 مليار دولار من إيرادات وصلت إلى 64,7 مليار دولار في الربع المنتهي أخيراً، في نتائج أعلى من التي سُجّلت في الفترة نفسها من العام السابق. ومع ذلك، خيبّت إيرادات وحدة السحابة والبالغة 36,8 مليار دولار آمال المستثمرين.
بالنسبة لـ “أمازون”، فقد حققت الشركة إيرادات فصلية بحوالي 147.98 مليار دولار، مقارنة بتوقعات بلوغها 148.56 مليار دولار.
أما نتائج “غوغل” فكانت أيضاً جيدة باستثناء إيرادات يوتيوب التي أتت دون المتوقع. ووحدها شركة “ميتا” (فيسبوك، انستغرام) حققت أداءً جيداً بفضل مبيعات الإعلانات المستهدفة، والتي أصبحت جذابة بشكل أكبر بفضل الذكاء الاصطناعي. وارتفعت أرباح الشركة العملاقة في وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 73 بالمئة على أساس سنوي، لتصل إلى 13.5 مليار دولار في الربع الثاني.
ضجيج الـ AI
وبالعودة لتقرير الصحيفة، فإنه يشير إلى أن تخفيف الضجيج حول الذكاء الاصطناعي يوفر فرصة صحية لالتقاط الأنفاس.
فقد استثمر عديد من المستثمرين في أسهم التكنولوجيا وسط “خوف من تفويت الفرصة”. وأصبحت تقييمات التكنولوجيا مبالغ فيها، وكانت الأرباح مركزة للغاية ــ أكثر من نصف إجمالي مكاسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في العام الماضي جاءت من الشركات السبع الكبرى.
وفي رسالة بعثت بها أخيراً إلى العملاء، قالت شركة إليوت مانجمنت للتحوط إن الذكاء الاصطناعي “مبالغ فيه” وأن أسهم الشركات الكبرى، وخاصة إنفيديا، كانت في “أرض الفقاعة”. وإذا كان الأمر كذلك، فإن إزالة بعض الهواء من الفقاعة أمر جيد.
ورغم اهتزاز الثقة، يظل المستثمرون واثقين إلى حد كبير من أن الذكاء الاصطناعي سوف يحقق مكاسب على مستوى الاقتصاد ككل.
لكنهم الآن يضبطون توقعاتهم بشأن متى وكيف سوف يصل الذكاء الاصطناعي. فما زال الذكاء الاصطناعي في مرحلة “الاختيار والاختيار” حيث يتم الإنفاق الرأسمالي المسبق قبل أن يتسنى جني مكاسب الإنتاجية.
ووفق التقرير، يستغرق بناء الأجهزة بعض الوقت. وتحتاج مراكز البيانات إلى تصريح تخطيط وتوصيل كهربائي واسع النطاق. وتحتاج مكامن الخلل في البرامج إلى إصلاح، ومع تطور النماذج، سوف تتنافس مع بعضها البعض أيضا. وتحتاج الشركات أيضا إلى التوصل إلى أفضل السبل لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق الأرباح.
ولكن الاضطرابات تسلط الضوء على الكيفية التي قد يؤثر بها التحول في الثقة في عدد قليل من أسهم التكنولوجيا المهيمنة ذات القيمة العالية على السوق الأوسع نطاقا.
وهذا يعني -بحسب التقرير- أن سد الفجوة تدريجيا بين التصور والواقع فيما يتصل بقدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي يكتسب أهمية أعظم، وخاصة مع تفاقم التقلبات بسبب التساؤلات حول سياسة أسعار الفائدة التي يتبناها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
شركات التكنولوجيا والـ AI
من جهته، قال رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن:
- نتائج الشركات خلال الربع الثاني من العام، جاءت في مجملها إيجابية.
- أسهم التكنولوجيا في الفترة الأخيرة شهدت تصحيحات، وأن تلك الحركة التصحيحية تأثرت بها الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التي كانت دافعاً أساسيًا لثورة الأسواق في آخر فترة، لا سيما منذ نهاية 2023 حتى الآن.
- لكن ارتباط شركات التكنولوجيا بالذكاء الاصطناعي يمثل عائقاً بالنسبة للاستثمارات المرتبطة بها (في إشارة لارتفاع كلفة الاستثمارات المطلوبة).
ويرى يرق أنه لن يظهر أي أثر لتلك الاستثمارات (العوائد المرجوة) إلا بعد بداية النصف الأول من العام 2025 حتى يكون للاستثمارات الضخمة بالذكاء الاصطناعي مردود ملحوظ، في تقديره.
ويستعرض في السياق نفسه بعض العوامل التي وصفها بـ “الضاغطة”، والتي ومن شأنها أن تؤثر على شركات التكنولوجيا، ومنها:
- حركة التصحيح في بعض الأسواق وتأثيراتها.
- ما تكشف عنه نتائج الأعمال التي أعلنت أخيراً.
- اتجاه الفيدرالي الأميركي لخفض الفائدة، ولما لذلك من تأثيرات مهمة تترقبها الشركات.
وبيّن أنه بناء على كل تلك العوامل التي سيكون لها تأثير على الشركات، فمن المتوقع في مجملها أن تدفع عديداً من المستثمرين إلى أن يبتعدوا عن قطاع أعمال التكنولوجيا، ومع التقييمات المرتفعة الحالية.
تحديات مؤثرة
وفي السياق، يقول خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد الحارثي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن شركات التكنولوجيا سجلت خلال الربع الثاني أرباحاً قوية، خاصة الشركات المستثمرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل مايكروسوفت وغوغل، التي حققت أرباح إيجابية خلقت حالة من التفاؤل.
ويفيد بأن بعض الشركات واجهت تحديات، أثرت سلباً على أرباحها بشكل كبير، والتي كانت ناتجة عن:
- التباطؤ الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم.
- ارتفاع تكلفة التشغيل، ومنها نقص الموارد الخاصة بمدخلات الصناعة الأساسية والشرائح الإلكترونية، وعلى سبيل المثال تأثرت بذلك شركات مثل آبل وسامسونغ.
وبيّن أن الأرقام المعلن عنها من جانب شركات التكنولوجيا عن الربع الثاني من العام لا تزال تعكس مزيدًا من التفاؤل، ورغم معاناة المصنعين من مشكلات تتعلق بسلاسل الإمداد وتوفير الشرائح الإلكترونية وتكاليف التشغيل، مؤكدًا أن الفرصة الأكبر من نصيب الشركات التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والاستثمار بها، متوقعًا أن تحقق أرباحًا كبيرة خلال الفترات المقبلة.