وخلال مراسم تنصيب وزير خارجيته الجديد، دلّل الرجل على مسار تسوية جميع المشاكل في المنطقة عبر التبادل والاستثمارات المشتركة.
لم يعكّر صفو السلام في خطاب بزشكيان في حقيقة الأمر، إلا قوله ما معناه، إن نزعة طهران صوب السلام مبتغاها تخفيف حدة تأثير العقوبات الأميركية.
ذاك أن السلام لا يكون إلا لأجل السلام، أمّا أن يكون منطلقه نفعيا صرفا، وأن يكون مرحليا، فإنه لن يؤلف بين القلوب، وبزشكيان طبيب متخصص في جراحة القلوب، يجب ألاّ تفوته هذه.
تنمّر مستمر
لكن لمذا التكهّن بنجاعة مناداة إيران بالسلام، فلا تزال طهران، بالأصل أم بالوكالة، تقوم بكل ما يلزم للسلام كي لا يتحقق.
صحيفة تسنيم، التي إنما تعبّر عن لسان تيار الحرس الثوري في النظام الإيراني الذي تتصارع على قيادة دفته الأجنحة، لذعت بمقال نشرته رأس السلطة الفلسطينية محمود عباس، واتهمته بأكثر ما لا يريده الرجل، وراثة مكانة إسماعيل هنية، لأن أسّ الشقاق بين فتح وحماس وجوهره، هو مسار المؤسسات ونقيضها.
هذا ناهيك عن التقارير التي لا تنقطع حيال تهريب السلاح إلى الضفة الغربية، والتي تستنسخ اليوم على نحو مصغر تجربة غزة المؤلمة في غير بؤرة، بما في هذه التجربة من ويلات على الفلسطينيين وقضيتهم، قضية الفلسطينيين التي تستثمر فيها إيران أيّما استثمار.
وحتى في الملف اليمني، الذي يعدّ مسألة أمن قومي لجيران إيران، والذين بلسانه قال بزشكيان أن حكومته ستعزز علاقتها معهم، تراجعت طهران عن تعهدات كانت قد قطعتها بعدم تعيين سفير في صنعاء، لكن سفيرا إيرانيا جديدا عين لدى الحوثيين وكأن أحدا لم يقطع عهدا.
تعيين السفير الجديد علي محمد رمضاني جاء بعد نحو ثلاثة أعوام من وفاة سفيرها حسن إيرلو في العاصمة اليمنية، كانت قد عينته في أكتوبر من العام 2020.
القرار للمرشد
ربما تكون نوايا بزشكيان بشخصه صادقة حيال السلام، والحق أنّ الرجل يكرر هذا الشعار حتى قبل فوزه بالرئاسه، لكن مفاتيح السياسة الخارجية والداخلية في إيران موجودة حكرًا في درج المرشد الأعلى.
وذاك الأخير قبل يومين للمفارقة، قسّم العالم أجمع إلى فسطاطين اثنين، ينتميان في التاريخ إلى السجالات المذهبية العميقة في القرن السابع الميلادي.