خلال حديثه خلال قمة آسيا التي نظمها معهد ميلكن في سنغافورة الأربعاء الماضي (أي قبل قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة بساعات)، قال إن هناك خمسة عوامل مترابطة وغالباً ما تكون دورية يُشكل على أساسها الاقتصاد العالمي.
أولاً- الديون والدورة الاقتصادية
في البداية، أشار إلى “الديون” باعتبارها تثير مخاوف باغة بشأن كيفية إدارتها في الولايات المتحدة الأميركية، متسائلاً فيما يخص تغييرات أسعار الفائدة من جانب الفيدرالي: “ما الذي سيحدث لكل الديون وكيفيةالتعامل معها؟”.
وكان الفيدرالي قد أبقى أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها في 23 عاما (قبل أن يخفضها في اجتماعه يوم الأربعاء بـ 50 نقطة أساس) مما دفع الحكومة إلى تخصيص 1.049 تريليون دولار لخدمة الدين ــ بزيادة قدرها 30 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، وهذا جزء من إجمالي متوقع يبلغ 1.158 تريليون دولار في المدفوعات للعام بأكمله.
وطرح الملياردير الأميركي سؤالا على الحاضرين، بشأن أثر قرار الفيدرالي على قيمة هذه الديون، وما إذا كانت كل هذه الأموال مخزناً للقيمة والثروة، مؤكدًا أنها أسئلة مهمة وملحة.
ثانياً- النظام الداخلي والاضطراب
وأضاف إلى ما سبق قوى أخرى من شأنها أن تشكل الاقتصاد، حيث قال داليو في إشارة إلى السياسة الأميركية قبل الانتخابات: “المسألة الثانية هي مسألة النظام الداخلي والفوضى.. هناك اختلافات لا يمكن التوفيق بينها بين اليمين واليسار، ناجمة عن فجوات كبيرة في الثروة والقيم، وهو ما يثير تساؤلات حتى حول انتقال السلطة بشكل منظم”.
ولأول مرة في دورة انتخابات 2024، أصبحت نائبة الرئيس كامالا هاريس الآن أكثر احتمالا للفوز من الرئيس السابق دونالد ترامب، وفقا لاستطلاع رأي بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي أجرته شبكة “سي إن بي سي الأميركي” ونشر الثلاثاء.
وفي الأسبوع الماضي، ناقش المرشحون قضايا تتراوح من حقوق الإجهاض إلى التعريفات الجمركية ومقترحات السياسة الأخرى.
ومع ذلك، وبغض النظر عمن يشغل البيت الأبيض، فإن أجندة سياسة الرئيس لها تأثير محدود على الصحة العامة للاقتصاد الأميركي.
ثالثاً- صراعات القوى العظمى
وأشار داليو إلى الجغرافيا السياسية باعتبارها مصدر قلقه الثالث، لا سيما العلاقة بين الولايات المتحدة والصين.
وأوضح أنه تم تحديد العلاقات بين الولايات المتحدة والصين من خلال مجموعة من التوترات المستمرة، مثل القضايا الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، والوضع السياسي لتايوان، والتعريفات الاقتصادية، وفق ما ذكرته الشبكة في تقريرها الذي اطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”.
وذكر أن هناك خوفًا من الحرب التي ستقف في طريق ذلك، والدمار المؤكد المتبادل، مؤكدًا أنه سيكون في وقت لاحق، دون أن يحدد نقطة اشتعال محددة.
رابعاً- أفعال الطبيعة
وأضاف داليو أن “الكوارث الطبيعية” شكلت تاريخيا تهديدا أكبر للإنسانية والمجتمع من الحرب، مشيرًا إلى أن الأعاصير الطبيعية والجفاف والفيضانات والأوبئة قتلت المزيد من الناس وكانت مسؤولة عن تغيير المزيد من الأوامر المحلية والدولية.
وأكد أن تكلفة تغير المناخ على وشك الارتفاع، فوفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن أزمة المناخ تؤدي إلى خسارة 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لكل درجة مئوية واحدة من الارتفاع في درجات الحرارة.
خامساً- التكنولوجيا
وأضاف الملياردير أن التكنولوجيا ستكون رائعة إذا تمكنا من تبنيها والاستثمار فيها بشكل مناسب، موضحًا أن الفوائد الإنتاجية المحتملة لذلك هائلة، وأن التكنولوجيا تنتج شركات يونيكورن، وعندما يحدث ذلك، فإن شريحة صغيرة من السكان ستحظى بفرصة أفضل.
وأضاف: “من يفوز في حرب التكنولوجيا سيفوز في الحرب العسكرية”.
وفي تقييمه للعوامل الخمسة ككل، خلص داليو إلى “أن المفاجآت كانت أكثر سلبية من الإيجابية”، على حد قول
تحديات عالمية
من جانبه، يؤكد مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث، أبو بكر الديب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن العوامل التي هددت الاقتصاد العالمي خلال الفترة الماضية مازالت مستمرة على المدى المتوسط وربما تداعياتها تمتد لسنوات عدة.
وقال إن من أبرز هذه التحديات:
- التوترات الجيوسياسية السلبية كالحرب في أوكرانيا، وفرض أميركا وحلفائها الأوروبيين أكثر من 14 ألف عقوبة على روسيا، وكذلك الحرب في غزة، إضافة إلى الحرب بالوكالة بين إيران وإسرائيل وتهديد الملاحة بباب المندب والبحر الأحمر.
- ارتفاع أسعار الفائدة لفترات طويلة.
- أعباء الديون
- التغيرات المناخية
- أزمات الطاقة
- قضايا الأمن الغذائي وزيادة التعرض للصدمات الخارجية
ورأى أنه على الرغم من تحسن توقعات النمو على المدى القصير، فإن الآفاق العالمية لا تزال غير مبشرة، مؤيدًا تحذيرات المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا من أن الاقتصاد العالمي يواجه عقدا من النمو الفاتر والسخط الشعبي على الرغم من تجنب الركود.
وشدد على ضرورة أن يقوم صناع السياسات بتحديد الخطوات ذات الأولوية نحو اكتساب مزيد من الصلابة الاقتصادية مثل تعزيز مالية الحكومة وإنعاش آفاق النمو الاقتصادي، والتحول للاقتصاد الأخضر وضخ استثمارات كبيرة فيه وتخفيض الانبعاثات الكربونية.
طفرة عالمية
من لندن، أوضح الخبير الاقتصادي، أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أنه في ظل تنامي أزمات الغذاء والطاقة وعدم وضوح التوقعات الاقتصادية العالمية وتصاعد آثار تغير المناخ، بدأ الاقتصاد العالمي يدخل العصر الأخضر الجديد، موضحًا أنها طفرة عالمية تغزو الاقتصادات الكبرى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأضاف أن العالم بات أمام إعادة التعاون الدولي بشكل كامل نحو التحول المستدام، لافتًا إلى أن الحاجة إلى الاستثمارات الضخمة والعاجلة في الدول الصناعية الكبرى تسرع بإحداث هذا التحول، بما في ذلك بمجالات الكهرباء والصناعة والزراعة والنقل والمباني والتجارة وتمويلات البنوك.
وذكر أن من الملاحظ توجه الدول الكبرى نحو استقطاب الاستثمارات وعدم التقوقع، وأوضح على سبيل المثال:
- الصين بدأت الآن فتح قطاع التصنيع بالكامل أمام الاستثمارات الأجنبية، وتمد مشروعها العملاق طريق الحرير، لدعم مشروعات البنية الأساسية في دول الجوار والدول النامية الأخرى، من خلال تقديم التمويل اللازم لهذه المشروعات عبر آلية القروض.
- الدول الغربية تتحول بشكل متسارع نحو اعتماد الطاقة الخضراء وتخفيض فوائد البنوك وإنعاش الدورة الاقتصادية المقبلة.
الذكاء الاصطناعي والمستقبل
وبشأن توقعاته حول المشهد الاقتصادي العالمي خلال المرحلة المقبلة، أفاد بأنه:
- في المرحلة المقبلة لم يعد هناك قطاع اقتصادي لن يمسه الذكاء الاصطناعي أو التطبيقات التي قد يتيحها.. هناك أكثر من 300 ألف وظيفة سيغيرها الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2030 أي بعد ست سنوات.
- كذلك من المرجح أن يتم تعزيز الإنتاجية في عديد من الصناعات ودمج قدرات الذكاء الاصطناعي في العمليات الحالية، مثل البرامج، لسرعة إنجاز المهام.
- الذكاء الاصطناعي التوليدي يتمتع بالقدرة على أن يكون “تكنولوجيا ثورية”، حيث إن الكفاءات التي يمكن أن يجلبها إلى عديد من الخدمات مثل الصناعات التجارية والقانونية والطبية المالية والنقل ستصبح واضحة وسهلة في وقت أقرب مما يتوقعه الكثيرون، كما يرى تقرير لـ”سيتي بنك”.
- سنشهد كذلك أن قطاعي التكنولوجيا والمالية قد يكونان من بين القطاعات الاقتصادية الأكثر تطورا عبر الذكاء الاصطناعي في السنوات القليلة المقبلة، بينما سيشمل ذلك الموارد الطبيعية وتكنولوجيا المناخ والزراعة.
وأكد أن كل هذه التغييرات تعتمد على الاستقرار الدولي وعلاقة الولايات المتحدة الأميركية مع باقي دول العالم الصناعية والتزاماتها.