وقال سميد: “من الأفضل بكثير أن نعرف من هو الذكي من أن نكون أذكياء في عملنا.. أو كما اعتاد مونغر أن يقول: في عالم الاستثمار، الانتحال مقبول تماماً”.
ونفذ سميد فلسفة الاستثمار في إدارة صندوق سميد فاليو، متفوقاً على 99 بالمئة من الصناديق المماثلة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، وفقاً لبيانات مورنينغ ستار.
كما تفوق على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” خلال تلك الفترة بعائد 14 بالمئة سنوياً في المتوسط مقابل مكاسب سنوية بلغت 13.8 بالمئة للمؤشر، وفق ما نقله تقرير لـ “بيزنس انسايدر” اطلع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” عليه.
ولكن في حين استخدم سميد استراتيجية بافيت ومونغر لتحقيق النجاح في الاتجاه الصعودي، فإنه يلاحظ أيضاً متى يستعد بافيت لمخاطر الهبوط.
وهو يعتقد بأن هذا هو الحال الآن حيث يواصل بافيت تقليص مراكزه بشكل كبير في أسهم مثل أبل وبنك أوف أميركا.
بالنسبة لسميد، هناك الكثير من أوجه التشابه بين تصرفات بافيت الحالية وآرائه في العام 1999.
وفي ذروة فقاعة الدوت كوم، اختار عدم الشراء في ضجيج قطاع التكنولوجيا وحذر من أن السوق من غير المرجح أن تستمر في وتيرتها المحمومة.
بين يوليو وسبتمبر 1999، شارك بافيت توقعاته للسوق في سلسلة من المحادثات التي لخصتها كارول لوميس من فورتشن في نوفمبر من ذلك العام. في المحادثات، زعم أن الأسهم حققت أداءً جيدًا في السنوات التي سبقت عام 1999 بسبب عاملين: انخفاض أسعار الفائدة طويلة الأجل وارتفاع أرباح الشركات.
لكن من غير المرجح أن تظل الأسهم على هذا المسار، حيث سيكون من الصعب أن تنمو أرباح الشركات بنفس القدر الذي نمت به في الثمانينيات والتسعينيات، حتى لو انخفضت أسعار الفائدة، كما قال بافيت. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت التقييمات – التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمستويات أسعار الفائدة – إلى أقصى حد، مما أضر بتوقعات العائدات المستقبلية.
بالطبع، استمر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في الانخفاض بنسبة 50 بالمئة على مدى السنوات القليلة التالية، وبعد عقد من الزمان بالضبط، تجاوزت قيمه في سبتمبر 1999 أكثر من 20 بالمئة.
ومع ذلك، منذ ذلك الحين، استمتع المستثمرون بخمسة عشر عامًا من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية وأرباح الشركات المتزايدة – وهي حقيقة أثارت قلق سميد. إذ لا يمكن أن تستمر سلسلة الانتصارات مثل هذه إلى الأبد.
“المشكلة الوحيدة هي أنها لعنة على أداء مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على المدى الطويل”، وفق وصف سميد لمسيرة الـ 15 عامًا.
يتبنى سميد وجهة نظر مخالفة للإجماع مفادها أن التضخم من المقرر أن يرتفع مرة أخرى مع خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. وبينما تتراجع أسعار سندات الخزانة لمدة 10 سنوات، فإنه يعتقد بأن اشتعال التضخم مرة أخرى من شأنه أن يدفعها إلى الارتفاع نحو 6 بالمئة. وقال إنه مع وجود التقييمات حول أعلى مستوياتها على الإطلاق وفقًا للعديد من المقاييس، فإن هذا يعني مشاكل للسوق.
هل التضخم يشكل تهديدًا خطيرًا؟ لا يعتقد بنك الاحتياطي الفيدرالي والعديد من البنوك الأخرى ذلك، حيث تظهر سوق العمل علامات على الضعف. لكن سميد يعتقد بأن سوق العمل أقوى مما ينسب إليه الكثيرون. إن معدل البطالة البالغ 4.2 بالمئة، على الرغم من ارتفاعه، لا يزال منخفضاً تاريخياً، ولا تزال الشركات تواجه صعوبة في العثور على موظفين.
مع الأخذ في الاعتبار كل ذلك ــ أي عودة التضخم التي من شأنها أن تدفع أسعار الفائدة إلى الارتفاع، مع ارتفاع التقييمات، وعدم قدرة معدلات النمو المرتفعة للشركات على الاستمرار إلى الأبد ــ يراهن سميد على ضعف أداء المؤشر في المستقبل. ووفقاً لتقديراته، فإن بافيت يراهن أيضاً.
وهذا يعني أن سميد يعتقد في نهاية المطاف بأن تقدم السوق سوف تنعكس وتتحول إلى حلقة مفرغة من البيع. ولأن المؤشر سوف يبدأ في الأداء السيء، فسوف يبدأ الناس في بيعه، وهو ما من شأنه أن يتسبب في ضعف أداء أكبر مكوناته، مما يدفع إلى بيع تلك الأسهم، مما يتسبب في المزيد من الانخفاضات للمؤشر، وهكذا.
وقال سميد: “إن الأمر يسير في الاتجاه الآخر في مرحلة ما.. الكثير من المتغيرات التي تحدث عنها بافيت في عام 1999 موجودة الآن لتعمل كنقمة وليس نعمة”.
سيناريو مكرر
من جانبه، يحذر مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، من أن الشركات العاملة في قطاع الذكاء الاصطناعي قد تواجه تجربة مشابهة لفقاعة الدوت كوم التي شهدها الأسواق بين عامي 1995 و2000. خلال تلك الفترة، كان هناك انتشار سريع للتكنولوجيا الحديثة والإنترنت، مما أدى إلى اندفاع المستثمرين نحو اقتناص الفرص الاستثمارية في الشركات التكنولوجية. هذا الاندفاع، الذي كان يفتقر إلى الدراسة المتأنية، أسفر عن طلب عشوائي على أسهم تلك الشركات، حيث توقعت الأسواق أرباحًا هائلة تفوق ما يمكن أن تقدمه القطاعات الاستثمارية الأخرى.
لكن الواقع كان مغايرًا لتلك التوقعات المبالغ فيها، حيث جاءت نسب الأرباح أقل بكثير مما كان متوقعًا. هذا الفجوة بين التوقعات والنتائج الواقعية أدت إلى عمليات بيع جماعية، مما أسفر عن انهيار حاد في أسعار أسهم شركات التكنولوجيا، وتكبد المستثمرين خسائر فادحة.
يشير شعيب إلى أن التاريخ قد يعيد نفسه مجددًا، حيث نشهد حاليًا تكالبًا مشابهًا على أسهم الشركات العاملة في الذكاء الاصطناعي. إذا استمرت هذه الحالة دون وجود تقييم دقيق لمخاطر السوق، فقد يؤدي ذلك إلى تباين كبير بين التوقعات المبالغ فيها والنتائج الفعلية، مما يعرض المستثمرين لخسائر جسيمة. إن الرهان على نجاح هذه الشركات قد يكون محفوفًا بالمخاطر إذا لم يتم التعامل معه بحذر وباستراتيجيات استثمارية مدروسة.
ركود
رئيس الأسواق العالمية في “Cedra Markets”، جو يرق، يشير في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن طفرة الذكاء الاصطناعي لن تؤدي إلى فقاعة مثل “فقاعة دوت كوم”، مما يخفف من القلق بشأن الانهيارات الكبرى. ومع ذلك، يشدد على احتمال حدوث ركود اقتصادي، مشيراً إلى تأثير بيئة الفوائد المرتفعة على أداء الشركات على المديين المتوسط والطويل.
ويضيف: “يلاحظ أن الفيدرالي خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو ما يعكس تأخره في هذا الإجراء، حيث يُعتبر هذا الخفض غالباً ما يرافقه ركود بعد ذلك”.
ويلفت إلى أن الأسواق تراقب الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي، مثل استثمارات شركة إنفيديا، وهي الاستثمارات التي قد تتعرض لمخاطر مختلفة (في إشارة لتزايد إنفاق الشركات على الذكاء الاصطناعي ومدى انعكاس ذلك على الإيرادات الخاصة بتلك الشركات بالشكل المأمول)، موضحاً أنه في بداية العام المقبل 2025، قد يتضح بشكل عملي أن الاستثمارات في هذا القطاع تحتاج وقتًا طويلًا لتحقيق العوائد المرجوة.
أما فيما يتعلق بوارن بافيت، يقول رئيس الأسواق العالمية في “Cedra Markets”إنه أظهر الحذر تجاه الأسواق مؤخراً، بعد استثماره في شهادات إيداع أميركية، مستفيدًا من الفوائد المرتفعة، مشدداً على أن بافيت ينتظر الفرصة المثالية للعودة.
ويتوقع يرق أن النصف الأول من العام 2025 قد يشهد ركودًا مع استمرار ارتفاع التضخم، رغم احتمالية ظهور معدلات نمو بين 2.5 بالمئة و3 بالمئة، وبطالة تصل إلى 4.2 بالمئة.