وتتمسّك كل من إسرائيل و”حماس” بشروط تعرقل التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار في غزة رغم جهود الوسطاء، والتوصل إلى إطار عام للهدنة وهو ما أطلق عليه “اتفاق باريس”.
ويرى أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، عزام شعث، أن نتنياهو والسنوار لديهما دوافع تؤثّر بشكل مباشر على استمرار الحرب، فبالنسبة إلى إسرائيل، يقول شعث لـ”سكاي نيوز عربية” إنها تتعمّد إطالة أمد عدوانها الحربي على قطاع غزة، والممتد لأربعة أشهر، بدوافع تتعلق بدعم أعضاء الحكومة الأكثر تطرفا ويمينية لخيار الحرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
ويضيف عزام شعث: “هناك أسباب تتعلّق برئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو نفسه، الذي يتخذ من إطالة هجومه على غزة حجة للهروب من الاستحقاقات الداخلية في إسرائيل، منها إسقاط ائتلافه وإزاحته من الحكم، ومثوله أمام المؤسسة القضائية بتهم الفساد المؤجلة”.
كما أن ذلك لا ينفصل عن الأسباب المتصلة بنتائج العدوان الإسرائيلي الذي لم تحقّق إسرائيل أهدافها من ورائه بعد، خاصةً أهدافها المتعلقة بالقضاء على حكم “حماس” في القطاع واستهداف قادتها وتحرير أسراها، وفق شعث.
ولعل هذا ما يدفع المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل -وتماشيا مع طروحات استمرار العدوان ضد غزة- إلى توسيع الهجمات العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة المحتملة في الأسابيع المقبلة، بصرف النظر عن الخسائر والويلات التي سيتعرّض لها أكثر من مليون ونصف المليون من النازحين في المدينة.
“حماس” أيضا في مأزق
ترى الباحثة الأميركية المختصّة بالشؤون الدولية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، أن حركة حماس تواجه مأزقا شديدا فيما يتعلق بترتيبات اليوم الثاني من الحرب، كما يواجه نتنياهو حالة من التخبّط وعدم القدرة على اتّخاذ قرار بإنهاء الحرب.
وتقول تسوكرمان، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن قيادة “حماس” التي بدأت أزمة السابع من أكتوبر تعلم أنّ خروجها من قطاع غزة يعني نهايتها، لذلك تتمسّك بالبقاء داخل القطاع وتعرض المزيد من الفلسطينيين للموت.
مِن المفترض أن يحاكم قادة “حماس” على جريمة السابع من أكتوبر وما تبعها من حرب أدت لقتل عشرات الآلاف، لذلك يصرون على البقاء داخل دويلتهم الصغيرة داخل القطاع.
وتعتبر الباحثة الأميركية أن استمرار الحرب هو السبيل الوحيد لاحتمال الحصول على مكاسب، في لعبة عض أصابع بين قادة “حماس” ونتنياهو، كذلك تؤكد أن نتنياهو لا يملك رفاهية التخلي عن دعمه للحكومة وإلا ستسقط، وكل طرفٍ في هذه الحكومة يبحث حاليا عن مستقبله السياسي بعد انتهاء الحرب في غزة.
وتقول تسوكرمان إنّ إسرائيل ملتزمة بأولويات الأمن القومي الخاصة بها، ولا تستطيع تحمّل عدم تدمير البنية العسكرية لحماس بشكل كامل، وإلا فإنّ الصراع سوف يتجدّد مع كون “حماس” في وضع أفضل لخوض هذه الحرب لاحقا بسبب دورها السياسي.
كيف يفكّر نتنياهو وحكومته؟
من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس وعضو اللجنة المركزية لحزب العمل، الدكتور مئير مصري، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن خطيئة نتنياهو الكبرى هي أنه اختار التعايش مع “حماس” وتركها تنمو وتتسلّح، رغم إطلاقها على إسرائيل أكثر من 45000 صاروخ وقذيفة قبل السابع من أكتوبر، وتبنيها عمليات قتل داخل إسرائيل.
ويضيف مئير مصري: “ليس أمام إسرائيل إلا الاستمرار في عملية تطهير القطاع حتى القضاء على سلطة حماس والمليشيات الإرهابية الأخرى، الموضوع لا يتعلّق بنتنياهو، حيث يوجد إجماع شعبي غير مسبوق في إسرائيل وراء العمليات العسكرية الجارية ورافض لأي وقف لإطلاق النار قبل دحر آخر داعشي في القطاع.”
من جانب “حماس”، يقول مصري إنّ “السنوار ليس إلا أداة في يد قوى إقليمية معروفة تحرّكه بالتنسيق مع قيادات المكتب السياسي التي تخطط لجرائم ’حماس’ من قصور الدوحة. هذه القوى لن تقبل باستسلام ’حماس’ مهما كان الثمن. على العالم المنافق أن يعطي إسرائيل الوقت الكافي لاستكمال المهمة”.
ويُتابع أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس: “الولايات المتحدة بجلالة قدرها حاربت داعش على مدار عامين، بمعاونة كوكبة من الدول العظمى. إسرائيل تواجه ’حماس’ بمفردها منذ أقل من 4 أشهر. و’حماس’ أقوى بكثيرٍ من تنظيم الدولة الإسلامية، حيث استطاعت أن تشيد ترسانة إرهابية متطوّرة للغاية طيلة فترة سيطرتها على القطاع”.