والأربعاء، تداولت وسائل إعلام مقطع فيديو لرئيس الجماعة الإسلامية، شفيق الرحمن، وهو يبكي فرحا، وسط مجموعة من الأشخاص، بعد إعادة فتح مقر الجماعة، واحتفالا برحيل الشيخة حسينة، فيما يهتف من حوله بشعارات دينية.
كانت الحكومة أعلنت حل حزب الجماعة الإسلامية، وجناحه الطلابي “شيبير”، 29 يوليو الماضي، في اتهام له بالمشاركة في الاحتجاجات، لكن استقالة الشيخة حسينة ومغادرتها البلاد، يوم الاثنين، أعادتا الجماعة بقوة إلى المشهد.
واتهمت رئيسة الحكومة السابقة الجماعة بالقفز على احتجاجات الشارع، وفي مؤتمر صحفي عقدته في 14 يوليو، سخرت من المحتجين، وألمحت إلى أنهم من “الرازاكار”، في إشارة إلى البنغاليين، وعلى رأسهم من ينتمون للجماعة وفق الاتهامات، والذين تعاونوا مع الجيش الباكستاني خلال حرب 1971، وتورطوا في انتهاكات ضد المدنيين.
وحكمت حسينة (76 عاما) بنغلادش، بداية من عام 2009، واستقالت بعد أسابيع من الاحتجاجات ضد نظام الحصص الذي يمنح أقارب المحاربين القدامى، الذين قاتلوا في حرب استقلال بنغلادش عام 1971، نسبة 30% من الوظائف الحكومية.
ويقولون إن “النظام تمييزي ويفيد أنصار رئيسة الوزراء”، التي قاد حزبها “رابطة عوامي” حركة الاستقلال، لكن حسينة دافعت عن نظام الحصص، قائلة إن المحاربين القدامى يستحقون أعلى درجات الاحترام لمساهماتهم في الحرب، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
الأفق السياسي للجماعة الإسلامية
منذ بدء الاحتجاجات في يوليو الماضي، تنفست الجماعة الإسلامية الصّعداء مع إحرازها المكاسب التالية:
- إطلاق سراح المعتقلين منها، منهم نائب أمير الجماعة وعضو البرلمان السابق سيد عبد الله، والأمين العام للجماعة ميا غلام باروار، والمحامي أحمد قاسم علي، نجل زعيم الجماعة الإسلامية الأسبق مير قاسم.
- أعلنت الجماعة عودة العميد عبد الله أمان عزمي، نجل أمير الجماعة الأسبق غلام عزام، إلى الخدمة في الجيش البنغالي، وكانت الحكومة فصلته سابقا.
- في مؤتمر صحفي عقده في 6 أغسطس، أكد أمير الجماعة، شفيق الرحمن، استعدادها للتعاون الكامل مع الإدارة الجديدة، ولحماية الأقليات، بما في ذلك الهندوس، داعيا لإجراء انتخابات في أقرب وقت، وطالب المغتربين بالعودة لإرسال التحويلات المالية إلى البلاد، والتي توقفت خلال الاحتجاجات.
- الإفراج عن خالدة ضياء الرحمن من السجن، وهي رئيسة الحزب الوطني البنغلادشي الذي ترتبط الجماعة معه بتحالفات.
فرصة الانتخابات
عن فرص حزب الجماعة الإسلامية في الفترة المقبلة، تقول محللة الشؤون الاستراتيجية الهندية، أديتي بهادوري، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن “مشاركة الجماعة في الانتخابات المقبلة، ستعتمد على سياسات الحكومة المؤقتة، وقد تستمر في التعاون مع الحزب الوطني، وفي جميع الأحوال، تظل الجماعة قوة مؤثرة، وقد سمحت الشيخة حسينة في السابق لوكلائها بالعمل لتأمين دعمهم”.
وتشكّلت الحكومة المؤقتة، بقيادة محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2006، تقديرا لمساهمته في التنمية الاقتصادية لبلاده، بعد استقالة الشيخة حسينة التي كانت علاقتها به تتسم بالخصومة، وأسهم في دفع يونس إلى منصبه الجديد حركة “طلبة ضد التمييز” التي نظمت الاحتجاجات.
وفي تذكِرة تاريخية، تشير أديتي بهادوري إلى أن تاريخ الجماعة الإٍسلامية، يعود لما قبل تقسيم الهند (إلى 3 دول هي الهند وباكستان وبنغلادش)، حين أسسها أبو العلاء المودودي، ذو الروابط مع جماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أنه “خلال فترة استقلال بنغلادش، عارضت الاستقلال، وقاتلت بجانب الجيش الباكستاني ضد البنغاليين”.
أما الصحفي البنغالي، شفيق علام، فيرجح أن يفوز الحزب الوطني، الذي تتزعمه خالدة ضياء الدين، إذا جرت الانتخابات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بأغلبية ساحقة، وهو متحالف مع الجماعة الإسلامية، ما سيعكس حضور هذه الجماعة في المشهد السياسي.
إلا أن علام غير متفائل بإصلاح الأوضاع بعد الانتخابات، مرجعا ذلك إلى أن “بنغلاديش تحتاج إلى إصلاحات عميقة في الشرطة والقضاء والإدارة المدنية والهيئة التشريعية والبنوك والاقتصاد، وفوز الحزب الوطني قد يعني نظاما مماثلا لنظام حسينة القاسي الفاسد”.
إسلامي وعلماني
يضع الدبلوماسي الباكستاني السابق، جاويد حفيظ، يده على أسباب أخرى، يراها وراء أزمة بنغلادش، وتجعلها “تقف على مفترق طرق”، وهي أن القوى السياسية فيها “تنقسم إلى معسكرين رئيسيين، علماني وإسلامي، وهو ما يعكس تباينا كبيرا في المواقف السياسية والأيديولوجية، والشعب البنغالي يعاني من هذه الحالة”.
ورغم سير الأمور هذه الأيام لصالح الجماعة الإسلامية، فإن حفيظ يرجح ألا تتمكن الأحزاب الإسلامية من تحقيق الكثير في الانتخابات، مرجعا ذلك إلى أن الشعب البنغالي “يتمتع بوعي عالٍ، ومسؤولية كبيرة تجاه وطنه، ما يعزز احتمال عدم وصول القوى الإسلامية للسلطة”.
وسبق أن شاركت الجماعة عبر حزبها “حزب الجماعة الإسلامية” في الانتخابات البرلمانية، وتمكنت في 2001 من المشاركة، لأول مرة، في ائتلاف حكومي، بعد أن حصلت على 17 مقعدا في البرلمان، وحقيبتين وزاريتين.