وقال “الأبيض” في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه “جرى رفع جاهزية القطاع الصحي مع الاستعداد لأي طارئ قد يحدث، بغض النظر عن اعتقادنا بأن الحل الأمثل هو الوقف الفوري لإطلاق النار من غزة إلى لبنان، رحمة بالأبرياء والنساء والأطفال”.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في 7 أكتوبر الماضي بقطاع غزة، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل شبه يومي، في حين جاء حادث مقتل فؤاد شكر إلى تأزم الموقف انتظارًا لرد حزب الله على إسرائيل.
وتتخوف الأطراف الدولية والإقليمية من انزلاق الصراع بين حزب الله وإيران من جانب، وإسرائيل على الجانب الأخر، إلى حرب مباشرة، تضع ضغوطا هائلة على السلطات اللبنانية وسط ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.
وحدد وزير الصحة اللبناني أن القطاع الصحي يرزخ تحت ضغوط متعددة، إذ لا يخدم اللبنانيين فقط، بل يخدم كذلك 1.5 مليون نازح سوري، ما يعادل ثلث السكان تقريباً، مضيفًا أن “هذا يعرضنا لأزمات اقتصادية خانقة، بعد عدة تحديات سابقة على رأسها المرور بجائحة كورونا وانفجار المرفأ وهجرة كبيرة للعاملين الصحيين من أطباء وتمريض”.
وشدد على أن “القضية الأساسية في الوقت الراهن، أن يكون القطاع الصحي لديه ما يحتاجه من أدوية ومستلزمات طبية في هذه الأوضاع الصعبة تحسبا لأسوأ السيناريوهات”.
وبيّن “الأبيض” أن لبنان لديه مخزون من الأدوية والمستلزمات الطبية يكفي لنحو 4 أشهر، بعد التنسيق مع مختلف العاملين في القطاع وخاصة المستوردين، معتبرًا أن تلك الكميات كافية “إن لم يحدث انقطاع في الاستيراد”.
وأوضح الوزير اللبناني أن هناك خططَا للطوارئ استعدادا لما قد يحدث إذا ما حدث توسع في الاعتداءات التي تقع مؤخرا، أو سقط عدد كبير من الضحايا والجرحى.
وقال إن “الخطة التي تم وضعها وغرفة الطوارئ الصحية التي تم تشكيلها سمحت بتدريب كل المستشفيات على إعداد خطط الطوارئ واستقبال الضحايا والجرحى والتنسيق مع الأجهزة الإسعافية، وكذلك بين المستشفيات لإحداث نوع من التكامل والدعم حال الاحتياج لتخصصات طبية معينة”، مؤكدًا أن “هذه الأمور تساعد النظام على الاستمرار وسط هذه الأزمة”.
ومع ذلك، أشار “الأبيض” إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية تسبب في “سقوط ما يزيد عن 22 شهيدا من العاملين بالقطاع الصحي” منذ أكتوبر الماضي.
أزمة النازحين.. واللاجئين
لكن الأمر لم يتوقف عند الاستعداد للطوارئ فحسب، إذ باتت وزارة الصحة اللبنانية مطالبة بتلبية احتياجات ما يزيد عن 100 ألف نازح من الجنوب، وفق فراس الأبيض.
وقال: “نعمل على تأمين احتياجات النازحين سواءً كانت أدوية أو خدمات بالمستشفيات مثل غسيل كلوى أو علاج للسرطان، بيد أن الخوف أن يحدث توسع في الاعتداءات ما يؤدي لمضاعفة عدد النازحين”، ضاربًا المثل بما جرى في حرب 2006، حينما وصل عدد النازحين إلى 800 ألف شخص.
بجانب ذلك، فبعض المؤسسات الاستشفائية والطبية باتت خارج الخدمة لكونها بمناطق خطرة لا يستطيع المرضى الوصول لها.
وأضاف: “للتعامل مع النازحين، لدينا 20 فريقا من النقالة التي بإمكانها التنقل والذهاب للنازحين بمناطق الإيواء وبالمدارس، ومن خلال المعلومات التي نجمعها نقوم بتوفير الاحتياجات اللازمة لهم”.
واستكمل حديثه: “الأمر المهم أننا قمنا بالتشبيك بين الأجهزة في وزارة الصحة وخاصة مراكز الرعاية واللجان الصحية الموجودة في هذه المناطق التي قد تستقبل أكبر قدر من النازحين مثل منطقة الشوف وإقليم الخروب، كما نرفع الجهوزية اللازمة لهذه الكوادر، ونقوم بتأمين كمية كبيرة مما نحتاجه من أدوية وحليب حتى إذا حدثت مستجدات يكون كافة الأمور مؤمّنة”.
وانتقد “الأبيض” تراجع استجابة الشركات الدوليين لتوفير احتياجات لبنان الطبية، واصفًا إياها بـ”أقل كثيرًا مما نحتاجه”.
منتصف هذا الأسبوع، تسلمت الصحة اللبنانية، شحنة مساعدات طارئة من منظمة الصحة العالمية تضمنت 32 طنا من المستلزمات الطبية والأدوية لمعالجة إصابات الحرب.
وأوضح الوزير أن الأمر يتعلق بأهمية التعاون في تلبية احتياجات النازحين السوريين، مضيفًا: “نحن في هذا الملف واضحين؛ فمسؤولية النازحين لا تقع فقط على عاتق لبنان، بل مسؤولية مشتركة بحسب القوانين الدولية،
وخاصة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي يجب أن تهتم بالأمور الأساسية للنازحين وعلى رأسها ملف الصحة”.
لكن في المقابل “أبُلغنا من هذه الجهات أن هناك تقليصًا كبيرًا للغاية لموازنتها وبالتالي تراجعًا كبيرًا للخدمات الصحية المقدمة للاجئين السوريين وتناقص في التغطية حال حدوث سقوط جرحى وضحايا بينهم”، وفق وزير الصحة اللبناني الذي شدد على أن هذا الموقف من منظمات الأمم المتحدة “غريب للغاية في هذه اللحظات الحساسة”.
كيف ينظر للتصعيد؟
وشدد الوزير اللبناني أن موقف الحكومة اللبنانية من التهديدات الراهنة “كان واضحًا منذ اليوم الأول؛ أننا لا نريد الحرب وندعو لوقف فوري من إطلاق النار في غزة إلى لبنان”.
واعتبر أن وقف التصعيد والقتال هو الحل الأمثل لإنقاذ ألاف الأبرياء.